علمت «الصباح» ان تحولات جديدة ستعرفها الساحة الوطنية من خلال تجميع عدد من الاحزاب التي خرجت من رحم نداء تونس وذلك بعد مؤتمر سوسة الذي مثل المنعرج الحقيقي لبداية سقوط الحزب في مستنقع الخلافات نتيجة سيطرة المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي على «الشقف» و«الباتيندا». وستحمل تحولات المشهد دعوة لتوحيد الصف الندائي حيث ستتجه الحركة خلال الأيام القادمة إلى اعادة بناء نفسها من خلال تكوين « فيدرالية ندائية» تضم الى جانب الحركة الأم جميع الأحزاب والحركات والتيارات التي انشقت عنها خلال الأزمات الماضية لتضم الى جانب نداء تونس كلا من حركة مشروع تونس وحركة تونس اولا وتيار المستقبل وحركة بني وطني. وتاتي هذه الخطوة بعد سلسلة من اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بكل من رضا بلحاج ومحسن مرزوق فيما تكفلت قيادات ندائية بفتح قنوات النقاش مع بقية الاطراف في محاولة لتجميع هذه القوى والاستعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية. بيد ان السؤال الأهم في كل هذا اَي ارضية يمكن ان تجمع كل هؤلاء؟ خاصة وان خلافاتهم مع المدير التنفيذي للنداء لم تحسم بشكل ودي او ديمقراطي بل كانت القطيعة عنوانها الابرز، بالاضافة الى هذا هل سيقبل محسن مرزوق مثلا العمل الى جانب قائد السبسي الابن والحال انه صرح اكثر من مرة ان لاشيء سيجمعه مع صاحب النداء؟ وكيف سيقنع أنصاره بالتكتيك الجديد؟ هكذا امر يدفع للتساؤل ايضا لماذا سيتم تجميع هذه الوجوه وقد كانت وعلى مدى السنوات الأربع الماضية عنوان الازمة ولم تكن جزءا من الحل خاصة وان معظم هذه القيادات الحزبية تحمل سقف طموحات سياسية عالية ما جعل البعض منها أنانيا في التعامل مع الاخر ، وسرّع في انهاء النداء والتأثير على امتداداه وفقا للأرقام المصرح بها اثر الانتخابات البلدية حيث خسر الحزب اكثر من مليون ناخب. واذا ما افترضنا جدلا عودة الغاضبين في اطار من العمل السياسي المشترك فما هو مستقبل حافظ قائد السبسي؟ بمعنى هل سيعيد الباجي ترتيب البيت الداخلي للنداء بعيدا عن نجله او للإحاطة به وتحصينه اكثر؟ واذا ما قدمنا حُسن «نية» الباجي قائد السبسي في الإصلاح عبر ابعاد نجله عن الحزب فمن هي الشخصيات التي ستعوض المدير التنفيذي؟ خلافة حافظ قائد السبسي الاكيد ان لا احد من الشخصيات «الساطعة» ستكون المعوض المفترض لحافظ ، ذلك انها اما منبوذة شعبيا، او «محروقة»سياسيا وبالتالي فان التفكير سيتجه للبحث عن الأشخاص الأكثر وفاء للباجي وابنه، مع ضرورة توفر صفة «السمع والطاعة» والاهم من ذلك ان يرفع «ولاءه للعائلة» اكثر من اَي جهة اخرى، هكذا شخصية تتوفر الان داخل النداء حيث سيكون ضالة الباجي وابنه للاعتبارات المذكورة وحتى يكون الواجهة التي يحكم من رائها الابن وأبوه الحزب. فشرط العودة بالنسبة للعديد من الشخصيات الندائية هو ابعاد حافظ ، وقد يحصل الابعاد الى حين عودة الغاضبين مع إمكانية «توريطهم» في اشغال مؤتمر ديمقراطي يكون محسوما مسبقا من خلال تمكين المقربين من دائرة حافظ قائد السبسي من الانخراطات وترأس بعضهم للمكاتب الجهوية بما يؤهلهم ليكونوا مؤتمرين ما يمكنهم من صياغة انتخابات على المقاس كما حصل خلال انتخابات جانفي 2016. ففكرة فيدرالية النداء تبدو مدخلا لإعادة رسكلة حافظ قائد السبسي وإعادة تدويره في نفس الوقت وتقديمه كمنتوج سياسي ذي مواصفات مقبولة. وفِي رده على كل ما تقدم قال القيادي بالحزب خالد شوكات «يخطئ كل من يعتقد بأن حركة نداء تونس قابلة للكسر، وستثبت الأيام القادمة ان كل من حدثته نفسه من داخل الحركة أو من خارجها بتجاوز الحركة او عصيانها ان حساباته خاطئة تماما، فالحركة أكدت انها تخرج اقوى بعد كل أزمة». ويضيف شوكات ان « الحل الفيدرالي/ الاتحادي» هو افضل حل لإعادة توحيد الحركة التي تحتاجها تونس للحفاظ على التوازن السياسي الضروري لضمان استمرار المسار الديمقراطي ولحماية مكتسبات الدولة الوطنية الحديثة ومشروع الدولة المدنية من كل زيغ او انحرف او تطرف». وفي تقدير شوكات ان احد اهم المشكلات التي عانت منها الحركة منذ ميلادها سنة 2012، هي المشكل التنظيمي، اذ لم يكن ممكنا ادارة حركة مركبة فكريا وأيديولوجيا وسياسيا بنظام الحزب البسيط، ففي وقت أكدت الوثيقة التأسيسية للنداء على ان الحركة تضم خمسة روافد هي الدستورية واليسارية والنقابية والمستقلة والإسلامية التنويرية، جرى عمليا اعتماد التنظيم الكلاسيكي في بناء هياكل الحزب ومؤسساته، وهو ما أدى الى التصادم في المصالح والرؤى والتوجهات ثم الى الانشقاقات المتعاقبة. «واعتقد ان جميع من خرجوا عن النداء وخاضوا تجارب تنظيمية جديدة اكتشفوا أهمية الحزب الكبير ولهذا هم على استعداد اليوم لمراجعة الماضي وأخذ الدروس والعبر والعودة الى طاولة الحوار من اجل اعادة بناء حركة نداء تونس وفقا لنموذج الأحزاب الفيدرالية/ الاتحادية على غرار الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني او حزب العمال البريطاني او حزب الموتمر الهندي او الجنوب أفريقي».