بالتوازي مع موجة ارتفاع مؤشرات الأسعار التي تعرفها بلادنا التي زادت وتيرتها حدة منذ بداية سنة 2018 محطمة بذلك جل الأرقام القياسية السابقة على غرار مؤشر نسبة التضخم (7.8 بالمائة في جوان 2018) ومؤشر الأسعار عند الاستهلاك، (ارتفع بنسبة 0.5 % خلال شهر جوان2018 بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 8.6% وأسعار النقل بنسبة 9,9 % والملابس والأحذية بنسبة 7 % باحتساب الانزلاق السنوي..) ، ها أن مؤشر أسعار البيع عند الإنتاج الصناعي يعرف بدوره قفزة غير مسبوقة ويجاري نسق المؤشرات المرتفعة ويلامس حدود نسبة التضخم المسجلة خلال شهر جوان. فقد أفرزت الأشغال الدورية للمسح الشهري حول أسعار البيع عند الإنتاج الصناعي ارتفاعا في المؤشر خلال شهر أفريل من سنة 2018 بلغ 7% بحساب الانزلاق السنوي، مقابل 7,3% المسجلة في شهر مارس من نفس السنة. ووفقا لبيانات إحصائية محينة نشرها أمس المعهد الوطني للإحصاء، ساهمت في ارتفاع مؤشر أسعار البيع عند الإنتاج الصناعي الزيادة التي سجلتها أسعار مواد قطاع الصناعات المعملية بنسبة 8,3 % تحت تأثير ارتفاع أسعار مواد الصناعات الفلاحية والغذائية بنسبة 7,6 % وكذلك ارتفاع أسعار مواد كل من قطاع الصناعات الكهربائية والميكانيكية وقطاع صناعة المطاط والبلاستيك، على التوالي بنسبة 11,3 % و7,2%. ولاحظ المعهد الوطني للإحصاء أن أسعار مواد مستخرجات المناجم عرفت بدورها ارتفاعا بنسبة 0,1 % نتيجة الزيادة المسجلة في أسعار مواد المستخرجات المنجمية المولدة للطاقة بنسبة 2,6% رغم تراجع أسعار مواد المستخرجات المنجمية غير المولدة للطاقة بنسبة 8,0%. أما على مستوى التطور الشهري، فقد سجل المؤشر في شهر أفريل من سنة 2018 ارتفاعا بنسبة 0,6% مقارنة بشهر مارس من نفس السنة، حيث سجل المؤشر حينها زيادة ب1,1%. وقد ساهمت في هذا الارتفاع أسعار مواد قطاع صناعة المواد الكيميائية بنسبة 1,3% وأسعار مواد الصناعات الفلاحية والغذائية بنسبة 1,6 %. كما ارتفعت أسعار قطاع مواد الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 0,5%. علما أن معدل نسبة ارتفاع المؤشر ظلت خلال كامل سنة 2017 تتراوح بين 3 و5.5 بالمائة ويعد مؤشر أسعار البيع عند الإنتاج الصناعي مقياسا مهما لارتباطه بعديد العوامل الداخلية والخارجية والتي تساهم في ارتفاع نسبة التضخم ومنها ارتفاع كلفة توريد المواد الأولية وخاصة منها الطاقية، ارتفاع الضغط الجبائي على الصناعيين، ارتفاع كلفة الإنتاج والمتأتية خاصة من ارتفاع كتلة الأجور وتواصل تدهور قيمة الدينار التونسي مقارنة بالعملات الرئيسية.. ( قيمة الدولار ترتفع إلى 2.656، والاورو إلى 3.138 مقارنة بالدينار بتاريخ 18 جويلية 2018) وأيضا ارتفاع نسبة الفائدة الرئيسية التي أقرها البنك المركزي لتصل إلى 6.75 بالمائة في جوان 2018 في حين ترتفع نسبة الفائدة في السوق النقدية إلى 7.25 بالمائة بتاريخ 18 جويلية 2018). ويرتبط الإنتاج الصناعي أيضا بنسق التوريد والتصدير والميزان التجاري الشهري، علما أنه على مستوى الأسعار، شهدت المواد المورّدة خلال الستة أشهر الأولى من السنة الحالية زيادة بنسبة قدّرت ب18,6 %. وفقا لبيانات إحصائية نشرها المعهد الوطني للإحصاء. كما يمكن تفسير ارتفاع مؤشر أسعار البيع عند الإنتاج الصناعي لارتباطه بنسق ارتفاع أسعار السلع الأولية الموردة بداية من سنة 2018 والمدعومة بسبب ارتفاع الطلب على معظم السلع الأولية الصناعية، وارتفاع مؤشر أسعار الطاقة 20 في المائة خلال نفس السنة يقودها النفط والغاز الطبيعي.. وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى ارتفاع أسعار النفط. التي تقدر حاليا ب75 دولارا للبرميل. فضلا عن زيادة أسعار المعادن 9 في المائة منذ بداية 2018، بسبب ارتفاع الطلب. وعادة ما يدفع ركود المبيعات في القطاع الصناعي إزاء ارتفاع أعباء الأجور وتكاليف الإنتاج، الصناعيين إلى الزيادة في الأسعار المقترحة عند البيع وهو عنصر آخر للتضخم. وفقا لعديد الخبراء في المجال. غير أن سلسلة الارتفاعات المسجلة في جل مؤشرات الأسعار (تضخم، استهلاك، إنتاج صناعي، توريد، تصدير..) تعود بالسلب دائما على القدرة الشرائية للمستهلك على اعتباره المتضرر الرئيسي من غلاء الأسعار على المستوى المحلي خاصة أن نسق الترفيع في الأجور في القطاعين العام والخاص يظل بعيدا نسبيا عن نسق ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم التي ستكون لها انعكاسات كارثية وخطيرة في زيادة نسبة الفقر وخاصة في تضرر الطبقة المتوسطة من المستهلكين التي تلاشت في السنين الأخيرة وتقلصت إلى حد يهدد وجودها تماما في صورة تواصل الأمر على ما عليه الآن وعدم التمكن من خفض موجة الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة.. رفيق