استفاق التونسيون أول أمس على خبر موجع تمثل في اقدام عدد من المواطنين على هدم جزء من "الحنايا" في مستوى منطقة المحمدية بالعاصمة وذلك اثر تهاطل كميات هائلة من المياه بالمدينة خلفت خسائر كبيرة في المنطقة تسببت في غضب السكان الذين يعتبرون أن الدولة مقصرة تجاههم وأنها لم تقم باللازم لحماية المواطنين من الفيضانات. والحنايا هي عبارة عن شبكة نقل لمياه الري أو الشرب، بولاية زغوان، بناها الرومان في الفترة ما بين 117 و138م، انطلاقا من منبع مياه "جبل زغوان" في أوائل القرن الثاني الميلادي، من خلال إنجاز العديد من الحنايا واتخذت كمعبد للمياه في عهد الإمبراطورية الرومانية في تونس. وقد أمر الامبراطور الروماني أدريانوس خلال فترة حكمه بتشييد الحنايا، وجلب المياه من زغوان إلى مدينة قرطاج التي كانت مركز الحكم آنذاك، بعد أن اجتاحت البلاد 5 سنوات من الجفاف وهو ما جعل هذه السواقي (العالية) تمر بمنطقة المحمدية. وقد بقيت الحنايا إلى أيامنا هذه كأحد الشواهد على عراقة هذا البلد وعلى تاريخه الكبير. وقد كان خبر هدم جزء من الحنايا على مستوى المحمدية خبرا صادما وخلف حيرة كبيرة لدى المهتمين إزاء ما يحدث في بلادنا من استهتار حتى أن الشواهد التاريخية لم تسلم. وقد تفاعلت وزارة الشؤون الثقافية مع المسألة وجاء في بلاغ للوزارة أمس أنه على إثر الفيضانات الأخيرة التي جدت في منطقة المحمدية أقدمت مجموعة من المتساكنين المجاورين للحنايا الرومانية على هدم جزء من القناة باستعمال آلة "التراكس" وهو ما استوجب تدخّل وزارة الشؤون الثقافية ممثلة في المعهد الوطني للتراث في مناسبتين: الأولى يوم الخميس 18 أكتوبر 2018 والثانية اليوم الجمعة 19 أكتوبر 2018 لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية المعلم، كما تقدّم المعهد الوطني للتراث بشكاية في الغرض للسيد وكيل الجمهورية لتتبع كل من سيكشف عنه البحث. ونددت وزارة الشؤون الثقافية بعملية التعدي على الآثار ودعت كل المتساكنين والسلط المحلية إلى ضرورة احترام الموروث الأثري والتاريخي التونسي والإنساني. س ت