القلعة الكبرى- سوسة - القسم القضائي: يوم الاثنين الفارط لم يكن يوما عاديا بمنطقة «غورة بلعوم» الريفية التابعة إداريا لمعتمدية القلعة الكبرى اذ تعالت زغاريد النسوة ليس فرحا بزفاف أحد أبناء الجهة وإنما لحظة توديع جثمان الشاب المهدي المثلوثي الذي راح ضحية الحريق الذي اندلع بسوق المنصف باي بالعاصمة قبل بضعة أيام وكان «حفل الوداع» هذا بطلب من الضحية نفسه الذي أوصى والدته بعدم البكاء عليه لو مات. مظاهر الجنازة كانت توحي بأن الاهالي كانوا بصدد ايصال عريس الى محل الزوجية ليلة دخلته ولكن الواقع عكس ذلك إذ كانوا بصدد إيصال جثمان المهدي الى مثواه الاخير لينام هادئا مطمئن البال بجانب والده الذي توفي منذ فترة داعين له بالرحمة والمغفرة والجنة وهو الذي كان -حسب قولهم -مثالا يحتذى في الطيبة والاستقامة حتى أنهم يستبشرون بعودته الى مسقط رأسه في كل زيارة ليؤمهم في الصلاة كما كان جدا متواضعا إذ رضي بالعمل في دكان بسوق المنصف باي وهو الذي بلغ مستوى علميا لا بأس به (ثالثة حقوق).. المهم بالنسبة اليه أن يعمل ويعيل نفسه ويكوّن ذاته بذاته. ولكن رحلة العمل هذه والبحث عن القوت قادته الى الموت وأنهت حياته. يقول السيد خليفة المثلوثي وهو عم الضحية أن المهدي اعلمه قبل أسابيع من وفاته بتلقيه تهديدات بالقتل من طرف مجهول عن طريق الهاتف المحمول واضاف : لقد أعلمني بأنهم طلبوا منه الانقطاع عن العمل بذلك الدكان وخيروه بين العمل أو القتل». اما محمد (شقيقه الاكبر) فقد أفادنا بأن جثة شقيقه لا تحمل حروقا بارزة وقد تأكد من ذلك بنفسه اثناء عملية الغسل في حين أشار محمود (شقيقه الاصغر) الى أن وفاة المهدي ناجمة عن اختناقه بثاني أوكسيد الكربون الذي انتشر داخل الغرفة التي ينام فيها اثناء الحريق دون أن يحدد سببه بينما أكد محمد الهادي (ابن عمه) ان الحريق اندلع بفعل فاعل ويطالب لذلك بالتحقيق وكشف الحقيقة. خسائر تفوق المليار وفي هذا الاطار علمت «الاسبوعي» أن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس اصدر إنابة عدلية تولى اثرها أعوان فرقة الشرطة العدلية بباب بحر البحث في الظروف التي حامت حول نشوب الحريق الذي الحق اضرارا بخمسة محلات بسوق المنصف باي بالعاصمة تقدر مبدئيا بنحو مليار من المليمات كما تولت مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز معاينة موقع الحادثة لمعرفة إن كان الحريق ناجما عن خلل في الشبكة الكهربائية الداخلية أم لا؟ واكيد أن التحقيقات الجارية ستتوصل الى فك الغموض الذي حف باندلاع الحريق الذي خلف قتيلا وخسائر مادية فادحة. صابر المكشر جلال رويس للتعليق على هذا الموضوع: