تعيش المؤسسات الصناعية حالة من الغليان عقب إقرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز زيادة ب13 بالمائة في سعر الكهرباء في الوقت الذي يعاني فيه القطاع من ارتفاع في أسعار المواد الأولية التي تورد بالعملة الصعبة مقابل انهيار سعر صرف الدينار وهو ما أثر على تكلفة الإنتاج و منه على تنافسية المؤسسة التي باتت شعارا يرفع من قبل الحكومة في ظل ما يعانيه القطاع الخاص من ضغط جبائي يعد الأعلى في العالم. و الارتفاع في تكلفة الإنتاج أدى بدوره إلى الزيادة في أسعار المواد والمنتوجات المصنعة وهذا يظهر جليا من خلال تواصل المنحى التضخمي حيث بلغت نسبة التضخم خلال شهر جوان المنقضي 7.8 بالمائة فيما تراجعت لتصل إلى 7.4 بالمائة الشهر المنقضي أي شهر أكتوير في حين يتوقع البنك المركزي بلوغ نسبة التضخم 8 بالمائة مع نهاية السنة الجارية 2018 فيما رجح صندوق النقد الدولي وصولها إلى 8.1 بالمائة. زيادة ب50 بالمائة وقامت الشركة التونسية للكهرباء والغاز ودون إعلام مسبق بالترفيع في معلوم استهلاك الكهرباء وكذلك الغاز وذلك ابتداء من غرة سبتمبر الفارط وتبلغ هذه الزيادة 13 بالمائة، وذلك لتوفير أكثر موارد لخزينة الدولة إذ وجراء هذا التعديل سترتفع موارد الدولة بأكثر من 358 مليون دينار وذلك بهدف تغطية الدعم الموجه للمحروقات. وكان قانون المالية لسنة 2018 قد أقر هذه الزيادة بمصادقة مجلس نواب الشعب.. وكان من المفروض على الشركة التذكير بها قبل موعدها حتى لا يفاجأ الحرفاء بما تحمله الفاتورة من زيادة كبيرة في قيمة الاستهلاك. وتبعات الترفيع المهول في سعر الكهرباء والغاز كانت وخيمة على القطاع الصناعي حيث ارتفعت فاتورة الاستهلاك بحوالي 50 بالمائة ما دفع بالصناعيين في جهة صفاقس مثلا إلى مقاطعة خلاص فاتورة الكهرباء والغاز لشهر أكتوبر 2018 بالتعريفة الجديدة إلى أن يقع التراجع عن الزيادات التي اعتبروها ‹›عشوائية ومتتالية›› وإلى حين الرجوع إلى التعريفة المعمول بها منذ جانفي 2018، حيث أكد الصناعيون أنه في حال لجوء الشركة التونسية للكهرباء والغاز لقطع التيار الكهربائي عن المصانع والمؤسسات لعدم الخلاص، فإنه سيتم تحميلها كامل الخسائر التي ستنجر عن القطع، وفي حالة عدم الاستجابة إلى مطلب الصناعيين فإنهم سيمرون إلى إجراءات تصعيدية عبر الغلق الاحتجاجي. ومن جهته وبسبب الزيادة الأخيرة التي تسببت في تفاقمت أزمة مصنعي الآجر طالب الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بنابل والاتحاد الجهوي للشغل بنابل بالتراجع الفوري عن الزيادة الأخيرة التي أدت إلى تفاقم عجز أغلب المؤسسات وجعل أصحابها غير قادرين على تحمل كلفة الإنتاج باعتبار أن الطاقة تمثل 67 بالمائة من الاجمال، مما يحول دون ضمان ديمومة واستمرارية المؤسسة بما يهدّد بفقدان المزيد من مواطن الشغل و تفاقم نسب البطالة كما من شأنه أن يؤثر سلبا على مساهمة القطاع في النمو الاقتصادي جهويا ووطنيا وعاجزا تماما على تحمّل المنافسة وأيضا إثقال كاهل المستهلك والمواطن عموما. تفاقم الديون وهذا الوضع ينطبق تقريبا على كل المؤسسات الصناعية في مختلف القطاعات الاقتصادية ما من شأنه أن يخلق حالة من التمرد والعصيان من قبل الشركات بعدم دفع معاليم الاستهلاك. ويذكر أن الديون المتخلدة لفائدة «الستاغ» قدرت 1000 مليون دينار 40 بالمائة منها متعلقة بالمؤسسات العمومية الوطنية و60 بالمائة بالخواص أي العائلات والشركات والمؤسسات الصناعية والسياحية. وهذه الديون من المنتظر أن تتفاقم بسبب الزيادة الأخيرة وتهديد الصناعيين بعدم دفع فاتورة الاستهلاك وذلك بالنظر إلى تبعات الزيادات العشوائية والتي اعتبرت غير مدروسة خاصة بالنسبة للقطاعات التي تعتمد في إنتاجها على الطاقة بنسب مرتفعة من عناصر الكلفة وما سينجر عن ذلك حالة من الركود بالنسبة للقطاع الصناعي والذي يعتبر من أبرز القطاعات الإقتصادية.