قدمت ليلى الشتاوي النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني أمس خلال لقاء صحفي عقدته تحت قبة البرلمان مبادرة تشريعية جديدة لتنظيم أجهزة المخابرات والاستعلامات العامة أحالها مكتب المجلس على لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح. ويهدف هذا المشروع الوارد في 119 فصلا إلى وضع الأسس القانونية والتنظيمية والوظيفية لأجهزة الاستعلامات والمخابرات المدنية والعسكرية وسبل الرقابة عليها حفاظا على الأمن القومي. وتسري أحكام مشروع القانون على أجهزة الاستخبارات المدنية والعسكرية وعلى الأجهزة التي تعنى بحماية الأمن القومي وبكل الأجهزة والهياكل والمصالح العمومية التي تتولى القيام بنشاط استعلامي وهو يسري أيضا على الهيئات والمؤسسات والهياكل العمومية التي تتولى معالجة المعلومات والمعطيات الشخصية. ويتمحور النشاط الاستعلامي للأجهزة الاستخباراتية في الداخل والخارج وفق ما جاء في المبادرة التشريعية في جمع وفحص ومعالجة وتحليل والاحتفاظ بالبيانات والمعلومات التي تتعلق بالحقائق والتهديدات والمخاطر التي تؤثر على الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، كما تتمحور في القيام بالتحقيق في التهديدات المحتملة للأمن القومي والقيام بالعمليات الاستعلاماتية الاستباقية للتهديدات والمخاطر التي تستهدف الأمن القومي وفي الاستعلام لصالح الحكومة عن الأجهزة والتنظيمات أو الاطراف التي تمثل تهديدا حقيقيا لمصالح الدولة إضافة إلى تقديم التقارير والمشورة للحكومة. وبينت الشتاوي أن قطاع الاستعلامات والاستخبارات تضرر كثيرا بعد 14 جانفي 2011 لأنه لا يوجد أي قانون ينظمه وللجدل الذي حصل حول دور أمن الدولة والبوليس السياسي لذلك تم التفكير في إعداد مبادرة تشريعية تنظم هذا القطاع وتم تقديم هذه المبادرة من قبل كتلة الائتلاف الوطني، وهي تضبط كيفية تعيين المدير العام لجهاز الاستخبارات والاستعلامات وتؤكد على أن يتم التعيين في إطار الحياد ويجب أن يقوم الجهاز بخدمة الدولة لا أطراف سياسية. ولاحظت الشتاوي أن قطاع الاستعلامات والاستخبارات غير منظم لأن الأمنيين العاملين فيه لا يتمتعون باي حماية عند القيام بالتحريات أو بعملية انصات أو متابعة أطراف مشتبه فيها أو عندما يخترقون مواقع اجتماعية أو عناوين إلكترونية لمواطنين. وذكرت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني والرئيسة السابقة للجنة التحقيق حول شبكات التسفير لبؤر القتال إنها حاولت في المبادرة التشريعية تحقيق المعادلة بين الأمن القومي وبين الحقوق والحريات. وقالت يجب تمكين الأمنيين من الحماية الفعلية بما يمكنهم من حماية الأمن القومي لكن في نفس الوقت يجب حماية حقوق المواطنين وحرياتهم. وفسرت أن هذه المعادلة يمكن تحقيقها من خلال إيجاد هيئات تراقب اعمال أجهزة الاستخبارات والاستعلامات إذ يجب أن يكون عملها تحت رقابة السلطة القضائية ثم تحت رقابة السلطة التشريعية على أن تكون الرقابة البرلمانية رقابة بعدية، وذلك إضافة إلى الرقابة الادارية والمالية على كيفية استعمال الموارد المالية واستعمال الأجهزة. نجاعة حتى يكون الجهاز ناجعا يجب مراعاة شرط الكفاءة والخبرة لأن تونس تواجه تهديدات ومخاطر امنية دولية واقليمية تطرح تحديات جسيمة على الأجهزة الأمنية خاصة المكلفة بتوفير المعلومة وتحليلها ومد سلطة القرار بالمعطيات الضرورية. وحدد مشروع القانون حسب الشتاوي، الاطراف التي تتعامل أجهزة الاستعلامات وأجهزة الاستخبارات. وأضافت أن أسلاك الأمن والحرس الوطني والديوانة إضافة المؤسسة العسكرية ورئاسة الجمهورية كلها لديها استعلامات واستخبارات ومن المهم جدا أن يقع التنسيق بينها لضمان النجاعة في عملها. وقالت الشتاوي أن تونس مازالت للأسف مهددة بالمجموعات الارهابية ولذلك لا بد من توفر جهاز استعلامات ناجع. ورغبة في ضمان النجاعة، فان مشروع القانون حسب ما اشارت اليه النائبة منح المدير العام للاستعلامات والاستخبارات رتبة وزير وسيكون عضوا قارا في مجلس الأمن القومي. وستكون لجهاز الاستعلامات والاستخبارات علاقة بالحكومة وأيضا برئاسة الجمهورية وسيكون التعيين من قبل رئيس الحكومة الذي يقترح أسماء وينظر رئيس الجمهورية في تلك المقترحات ومن يقع اختياره يمرر اسمه على مجلس نواب الشعب حتى يحصل على الشرعية. وفسرت الشتاوي سبب إقحام مجلس نواب الشعب في تسمية المدير العام للاستعلامات والاستخبارات بتنصيص مشروع القانون على احداث لجنة برلمانية خاصة مكلفة بمراقبة جهاز الاستخبارات والاستعلامات يتم اختيار نوابها من قبل كتلهم وتكون لهم المعرفة اللازمة والاهتمام بالمسائل الاستخباراتية وبالأمن القومي، ويقع انتخاب رئيسها بالأغلبية ويلتزم اعضاء هذه اللجنة بالمحافظة على سرية المعطيات ويؤدون يمينا خاصا بالسرية ولا يجوز التمسك بالحصانة البرلمانية في حالة التلبس بالإفصاح عن معطيات أو معلومات مصنفة سرية للغاية أو سرية أو خاصة. وذكرت الشتاوي أن هذه اللجنة ستراقب الأجهزة الاستعلامية والاستخباراتية لكنها لن تدخل في التفاصيل التي لها علاقة بالجانب المعلوماتي بل ستراقب مدى احترام الأجهزة للقانون المنظم لها. واضافت الشتاوي أن شرط منح الشرعية للمدير العام لأجهزة الاستخبارات والاستعلامات مرده الرغبة في المحافظة على الاستمرارية لأنه من غير المعقول أن يقع تغيير المدير العام بين الحين والآخر. وقالت إن المشروع نص على أن يظل المدير العام في منصبة مدة خمس سنوات وبهذه الكيفية يقع ضمان الاستمرارية. وتحدثت النائبة عن الاشكال الذي تعرض له عماد عاشور وصابر العجيلي وفسرت انه ما كان ليحصل لهما ما حصل وربما ما كان سيتهمان بالتخابر مع جهات اجنبية وما كان سيزج بهما في السجن لو كان هناك قانون ينظم التعاون بين أجهزة الاستخبارات الوطنية والأجهزة الاجنبية، وجاءت المبادرة التشريعية لتتجاوز هذه الثغرة ولتنظم كيفية التعاون مع الأجهزة الاجنبية. كما قدمت النائبة مثالا اخر عن المعلومات التي استقتها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبينت أن مشروع القانون جاء ليتجاوز الثغرات ولينظم كيفية المحافظة على المعطيات والمعلومات. وفسرت الشتاوي أن المبادرة التشريعية تأخذ بعين الاعتبار مسألة حماية المعطيات الشخصية لان أجهزة الاستعلام والاستخبارات يجب أن تكون مواكبة لمتطلبات حماية المعطيات الشخصية وان تعمل في إطار القانون وفي كنف احترام الدستور والمعاهدات الدولية والتشريعات النافذة ويكون الحد من الحقوق والحريات على اساس يضمن فيه مبادئ الضرورة والتناسب. سعيدة بوهلال