تتجه الأنظار إلى المؤتمر التأسيسي لحزب "تحيا تونس" وسط تساؤلات حول انعكاساته المترقبة على المشهد السياسي الوطني ، ثم على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة التي يطمح أنصار رئيس الحكومة أن يكونوا الفائز الأول فيها ، مستفيدين من صغر سن زعيميه يوسف الشاهد وسليم العزابي. + وقد كشفت الأعمال التحضيرية لهذا الحدث الوطني انضمام عدد كبير من منخرطي حزب النداء سابقا في حزب الشاهد - العزابي ، بينهم مجموعة من الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة والادارة والقطاع الخاص والشباب والنساء. وقد يرتفع عدد " الندائيين " الذين يلتحقون بالحزب الجديد بعد مؤتمر المنستير ثم معارك توزيع المسؤوليات بين أنصار السيدين حافظ قائد السبسي وسفيان طوبال. + كما اتضح انضمام شخصيات اعتبارية للحزب الجديد لها اشعاع سياسي ومجتمعي في مدن ذات وزن انتخابي مثل صفاقس وسوسة وأريانة وبن عروس ومدنين والكاف .. وتنتمي هذه الشخصيات الاعتبارية إلى مدارس حزبية وسياسية عديدة : . مدرسة الحزب الديمقراطي التقدمي ثم الحزب الجمهوري : ويرمز اليها الشاهد والعزابي واياد الدهماني والمهدي بن غربية ورفاقهم .. . مدرسة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ويرمز اليها الوزير المستشار والديبلوماسي السابق كمال الحاج ساسي ووزير النقل الحالي هشام بن احمد وعدد من طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي القدامي .. . مدرسة الأحزاب الجديدة مثل حركة آفاق ويرمز اليها رياض المؤخر الكاتب العام للحكومة . . مدرسة النقابيين السابقين ويرمز اليهم مصطفى بن أحمد الكاتب العام السابق لنقابة التبغ والوقيد .. . مدرسة النواب المؤسسين للحزب بزعامة الصحبي بن فرج ووليد جلاد وليلى الشتاوي .. ++ ويبدو مصير هذا الحزب رهين عوامل كثيرة من بينها نجاح قياداته في تقديم نقد ذاتي علني لأداء حزب النداء على رأس مؤسسات الدولة منذ مطلع 2015 ، وفشله في تحسين واقع التونسيين اقتصاديا واجتماعيا رغم فوزه بالرئاسات الثلاثة وبالغالبية الساحقة من الحقائب الوزارية والادارية المركزية وبالمرتبة الأولى في البرلمان . كما سيكون رهين القرار الذي سوف يتخذه يوسف الشاهد ورفاقه بالنسبة للبقاء على رأس الحكومة خلال المرحلة التي تفصل البلاد عن الانتخابات : هل يحتفظ بموقعه في القصبة فيستفيد اعلاميا ويتحمل الكلفة الاجتماعية والسياسية لارتفاع الاسعار والمشاكل الاقتصادية والسياسية والامنية في البلاد ؟ أم ينسحب مؤقتا ويعين نائبا لتسيير الحكومة من بين وزرائه فيجمع بين مزايا البقاء في الحكم و" الانسحاب المؤقت " منه والتفرغ للحملة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية ؟ وفي كل الحالات سوف يتأثر مستقبل الحزب كذلك بدرجة تجنبه الثغرات التي أنهكت حزب النداء منذ 5 أعوام وعلى رأسها الصراعات الداخلية والمعارك على الكراسي والمواقع وتناسي الوعود التي تقدم للناخبين . ++ ورغم حداثة عمر هذا الحزب يعتقد كثير من المراقبين أنه يمكن أن يساهم في تعديل المشهد السياسي والانتخابي الوطني بين 4 تيارات كبرى : . التيار اليساري الاجتماعي بزعامة أحزاب " الجمهوري " و" التكتل" و" الحراك" و" المشروع " و" المؤتمر"و " التيار الديمقراطي " و"الجبهة الشعبية " ومخزونها الانتخابي والسياسي في النقابات ومنظمات المجتمع المدني . . التيار الاسلامي العروبي بزعامة حركة النهضة والمستقلين القريبين منها الذين قد يترشحون في قائماتها مثلما وقع في الانتخابات البلدية . . التيار الليبيرالي التحديثي بزعامة حزب " تحيا تونس " والثنائي يوسف الشاهد وسليم العزابي، وقد يتحالف معه حزب المبادرة بزعامة كمال مرجان ومحمد الغرياني وسياسيون قادمون من احزاب اخرى مثل مشروع تونس بزعامة محسن مرزوق والمسار بزعامة سمير الطيب والجمهوري والتكتل.. . التيار الدستوري التجمعي وتتقاسمه قائمات النداء بمختلف أجنحته وحزب السيدة عبير موسي والمقربون منها.. لكن من بين المخاطر التي تهدد البلاد أن المشهد السياسي والحزبي الفسيفسائي قد يزداد تذررا وتعقيدا إذا لم يحافظ حزب" تحيا تونس " على وحدته بعد مؤتمره ، وبرزت مؤشرات التصدع والانقسام داخله مع بدء توزيع الحقائب والترشيحات للقائمات الانتخابية .