لا تزال تصريحات المترشح للانتخابات الرئاسية عبد الكريم الزبيدي تثير الجدل في مختلف الأوساط السياسية كما على المواقع الاجتماعية وقد جاءت تصريحات وزير الدفاع المستقيل بشان الخميس الأسود والانقلاب المزعوم لتفاقم الغموض بشأن ما حدث معلنة دخول الحملة الانتخابية خلال الأيام المتبقية مرحلة جديدة من المفاجآت، التي يرجح أن تتواصل حتى موعد الصمت الانتخابي. حيث أثار الظهور التلفزي الأخير للمرشّح الرئاسي عبد الكريم الزبيدي، موجة من الجدل المثير بعد أن أطلق العنان على غير العادة لكشف «استعداده آنذاك تحريك الدبابات لحصار مجلس نواب الشعب بهدف «إجهاض» محاولة الانقلاب المزعومة. الأمر الذي أثار موجة من ردود الأفعال المتباينة بين منتقد للزبيدي الذي سمح باستعراض أسرار الدولة على الملإ ودفع ربما إلى إقحام المؤسسة الأمنية في الصراع الانتخابي وبين من اعتبر موقفه يتنزل في إطار توجه الحملة الانتخابية نحو مرحلة جديدة من كشف الملفات ودخول مرحلة تبادل الاتهامات وتشويه الخصوم بل وربما التخوين للمترشحين لبعضهم البعض لكسب نقاط انتخابية .. وفي روايته لتفاصيل أحداث في ذلك اليوم بدا موقف الزبيدي من الانقلاب رافضا ومتصدّيا لكل محاولة للنيل من الشرعية وفق تأكيداته، ولكن في سرده لأحداث «الخميس الأسود» فتح الزبيدي المجال واسعا لأكثر من قراءة وأكثر من تأويل حول ما كان سيحدث، طبعا لو كانت محاولة الانقلاب صحيحة والتي ما تزال الى اليوم رواية متداولة تقبل التصديق كما تقبل الدحض. كما فتحت تصريحات الزبيدي مجالا لانتقاد وزير الدفاع السابق واتهامه بمحاولة توظيف المؤسسة الأمنية في مرحلة أولى ضدّ مجلس نواب الشعب، وفي مرحلة ثانية اتهامه بمحاولة توظيف خطّته السابقة كوزير دفاع يقتضي منصبه التحفّظ والائتمان على أسرار الدولة وحماية الأمن القومي في حملته الانتخابية قصد النيل من خصومه وربما تسجيل نقاط لحسابه . و قد اعتبر البعض أن الزبيدي اخطأ في تصريحاته بشأن تفكيره في تحريك الدبابات لمواجهة الانقلاب المزعوم. وقد اعتبر البعض محاولة إقحام المؤسسة العسكرية في الحملات الانتخابية أمرا خطيرا وهو ما من شأنه أن يمس من صورة المؤسسة الأمنية التي لطالما ظلت على الحياد وحافظت على استقلاليتها والتزامها في أحلك الفترات واعقدها بمبادئ الجمهورية بعد 14 جانفي ورفض المؤسسة العسكرية التدخل في اي اشكال سياسي ليعطي بذلك المثال الحي لبقية الجيوش العربية التي قمعت شعوبها بعد ما يسمى بحركات الربيع العربي على غرار اليمن ومصر وليبيا. سابقة سليم الرياحي وقد أعادت تصريحات الزبيدي إلى السطح ما أقدم عليه سابقا الأمين العام السابق لنداء تونس سليم الرياحي حين عمد إلى إقحام مؤسسة الأمن الرئاسي في مزاعم متاهات الانقلاب على الرئيس الراحل الباجي قائد السيسي. بعد حكم بعدم سماع الدعوى في القضية المرفوعة من طرف سليم الرياحي. حين قرّر وكيل الجمهورية لدى المحكمة العسكرية الدائمة بتونس يوم 10 ديسمبر 2018 بحفظ الشكاية التي تقدّم بها الرياحي بشأن «ما ينسبه لرئيس الحكومة والمدير العام للأمن الرئاسي وأطراف أخرى بالتآمر على أمن الدولة الداخلي» حسب نص بلاغ المحكمة العسكرية. وسبق للزبيدي في مرحلة أولى أن اتهم يوسف الشاهد باستعمال مؤسسات الدولة وهي نقطة كان نفاها رئيس حملة الشاهد سليم العزابي والذي أوضح في حوار له على قناة التاسعة ان» المترشح عبد الكريم الزبيدي يقوم بالاجتماع مع الملحق الإعلامي لوزارة الدفاع في إطار حملته الانتخابية». مضيفا «لدينا معلومات تورط الزبيدي في استغلال إمكانيات وزارة الدفاع ومواردها البشرية إضافة إلى الاجتماع بسياسيين في وزارة الدفاع». وكان الزبيدي كشف في تصريحاته أيضا أن «يوسف الشاهد استعمل طائرة عسكرية من طراز C 130 إلى جانب سيارة مصفحة في زيارات لا علاقة لها برئاسة الحكومة مثل افتتاح مؤتمر طبي تنقل إليه بطائرة تكلفت ب40 ألف دينار على المجموعة الوطنية وتدشين محطة فولطوضوئية بتوزر استعمل فيها طائرة عسكرية تكلفت ب50 ألف دينار على المجموعة الوطنية. وهي اتهامات خطيرة ولا تخل من الحساسية وقد تشهد تطورا في المرحلة القادمة ولعل ما يفاقم المشهد صمت رئيس مجلس النواب السابق والقائم بمهام رئيس الجمهورية محمّد الناصر الأكثر اطلاعا ودراية بأحداث ما وصف بالخميس الأسود مع استهداف البلاد في ثلاث هجمات إرهابية بالتزامن مع تدهور الحالة الصحية للرئيس وتناقض الأخبار بشان غيابه المؤقت أو الدائم خاصّة وأن جزء من رواية الانقلاب المزعومة تضع عددا من النواب مثل عبد الفتاح مورو والصحبي بن فرج الذي واجه محمّد الناصر ذات جلسة برلمانية في موضع اتهام ولكن موقف محمّد الناصر ورغم تعدّد الروايات الخطيرة اختار الصمت والنأي بمؤسسة رئاسة الجمهورية عن الصراع الانتخابي ..فهل نتوقع بعد تصريحات الزبيدي خروج محمّد الناصر من «صمته» ليجيب عن أسئلة لا يملك أحد غيره الإجابة عليها.