يبدو ان ازمة نقص الادوية في تونس لم تلق طريقها الى الحل بعد ولا يقتصر الاشكال على الاصناف الدوائية المستوردة اذ يمتد حتى الى الادوية الجنيسة المصنعة محليا والتي تعوّض عديد الاصناف فبعضها مفقود لارتفاع اسعار المواد الاولية التي يتم استيرادها بالعملة الصعبة لتصنيع هذه الادوية. وكشف نوفل عميرة نائب رئيس النقابة العامة لاصحاب الصيدليات الخاصة ان عشرات الادوية مفقودة في تونس وجلّها ادوية حياتية لعدة اسباب ابرزها اقتصادية ناتجة عن منظومة تسعيرة الدواء الراجعة بالنظر الى وزارة التجارة، مشيرا الى ان العديد من الادوية الجنيسة والتي تعوض اصنافا من الدواء المستورد لم تعد تصنع في المخابر التونسية لارتفاع اسعار المواد الاولية ولرفض وزارة التجارة الترفيع في اسعار هذه الادوية تخلى المصنعون عن انتاجها. وفي نفس السياق اكد عميرة في حديثه ل "الصباح" ان هناك صنفا من الدواء يستورد بقيمة 3 مليون دينار سنويا وبدعم من الدولة رغم توفر 12 دواء جنيسا يعوضه بالمخابر التونسية. تأزم الوضعية الاقتصادية للعديد من الصيدليات كما ينضاف الى اشكال نقص الادوية في تونس تأزم الوضعية الاقتصادية للعديد من الصيدليات وقد اكد في هذا الصدد مصطفى العروسي رئيس النقابة العامة لاصحاب الصيدليات الخاصة ان الصيدلي يفقد 1 بالمائة من هامش ربحه بسبب تاخر آجال الخلاص من قبل "الكنام"، مشيرا الى ان العديد من اصحاب الصيدليات الخاصة مهددون بالافلاس. وحسب العروسي فان الصيادلة قاموا بالاقتراض لتمويل "الكنام" على اساس اتفاق مسبق مع رئيس الحكومة وجميع الاطراف المتدخلة والذي لم يطبق الى الان. هذا وقد لوحت نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة الاسبوع الفارط بإيقاف العمل مع الصندوق الوطني للتامين على المرض "الكنام"، احتجاجا على عدم إيفاء الحكومة بتعهداتها تجاه الصيدليات. وقالت النقابة في بيان لها إن عدم إيفاء الحكومة بالتزامتها نتج عنه تأزم الوضعية الاقتصادية لعدد هام من الصيدليات، موجهة نداءً لرئاسة الحكومة لتحمل مسؤولياتها واحترام تعهداتها وتجنيب البلاد أزمة اجتماعية في الفترة القادمة. وأوضحت أن إمضاء الاتفاقية بينها وبين الصندوق الوطني للتأمين على المرض يوم 14 فيفري 2019 يدخل في إطار اتفاق شامل مع رئاسة الحكومة مكّن من إنقاذ منظومة التأمين على المرض. من جانبها كانت رئيسة جمعية مرضى السرطان، روضة زروق اكدت في تصريح لراديو "اكسبرس اف ام" مؤخرا أنّ دواء مرض السرطان مقطوع وغير متوفر في الصيدليات، كما ان هناك العديد من الأدوية مفقودة الى جانب الكشف عن تغيير التركيبة الكيميائية في المخابر لبعض الادوية السرطانية، مؤكّدة أنّه عندما يتم تغيير تركيبة الدواء تصبح له تأثيرات سلبية على المريض. 70 بالمائة من الأدوية محلية الصنع وفي نفس الموضوع اكد رضا بن دالي مسؤول عن الاتصال بمخابر سيف لصناعة الادوية ان المخابر التونسية تؤمن اكثر من 70 بالمائة من الادوية مقابل توريد 30 بالمائة من المخابر الاجنبية مرجحا ان تزدهر صناعة الادوية في تونس في السنوات المقبلة لتصل الى اكثر من 80 بالمائة. ديون متخلدة .. وارجع بن دالي نقص اصناف من الأدوية الى رفض المخابر الاجنبية في وقت سابق تزويد الصيدلية المركزية لتأخر تسديد ديونها وهو ما ادى الى تسجيل نقص في عديد الاصناف من الادوية. وجدير بالذكر ان الديون المتخلّدة بذمة الصيدلية لفائدة المزوّدين الأجانب، بلغت خلا ل سنة 2018 حوالي ال400 مليون دينار، في حين بلغت ديون القطاع العام لفائدة الصيدلية، ال890 مليون دينار 64 بالمائة منها لفائدة ''الكنام''. تصنيع الأدوية.. ومصاعب مالية وكانت رئيسة الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية سارة المصمودي شددت في وقت سابق على ضرورة التسريع في منح تأشيرة بيع الأدوية في السوق لمعالجة مشكلة النقص المسجل لان مصنعي الأدوية في تونس أصبحوا مكبلين بسبب بطء إسناد تلك الرخص فضلا عن المصاعب المالية المترتبة عن ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة وتراجع سعر الدينار. وحذرت المصمودي من تفاقم أزمة بعض الشركات المصنعة في ظل اختلال توازناتها المالية بسبب ارتفاع تكاليف نفقاتها مقابل تراجع عائداتها من صنع الأدوية علما وان كلفة توريد المواد الاولية تبلغ 70 بالمائة من سعر تصنيع الدواء. كما يوجد بتونس 35 شركة مصنعة للادوية توجه حوالي 17 بالمائة من انتاجها نحو التصدير الى ليبيا والى بعض الدول الافريقية. السوق الدوائية في تونس تتكون السوق الدوائية في تونس من قطاعين اولا قطاع أدوية المستشفيات التي تحتل فيه الصناعة المحلية الصدارة من حيث الحجم والتي تختص الصيدلية المركزية دون غيرها في توزيع مواده على الهيئات الاستشفائية العمومية. وثانيا قطاع أدوية الصيدليات الخاصة والذي توفر فيه الصناعة المحلية أكثر من 70% من الكميات الموزعة ويختصر اختصاص الصيدلية المركزية في توزيع المواد الموردة على شركات توزيع الأدوية بالجملة. جهاد الكلبوسي