نهال.. طفلة مازالت تخطو خطواتها الاولى في هذه الحياة ...طفلة لم يتجاوز عمرها السبع سنوات.. قاطنة بمعتمدية ملولش من ولاية المهدية مازالت لم تع الحياة بعد لكن القدر لم يمهلها فحكم عليها بالمعاناة منذ نعومة أظافرها.. حكم عليها بالالم باكرا.. نهال لم تكن تعي حينها معنى الحزن والألم والتشوه وهي في عامها الاول.. كانت رضيعة لا تفقه شيئا سوى انها حبيسة بين المستشفيات والمنزل والاوجاع والآلام، ولكن معاناتها بدات تظهر اليوم وبدات تحس بالنقص.. بالاختلاف وهي تدخل هذه السنة المدرسة لتلحظ نظرات اترابها لشعرها الاصطناعي الذي يغطي خلفه مأساة وتسمع همساتهم وضحكاتهم احينا والتي جعلتها تعود كل يوم باكية لترتمي في احضان امها وتسالها ذلك السؤال الحزين لماذا حكم عليا القدر هذاكة... هذه معاناة التلميذة نهال التي سكب عليها زيت ساخن وعمرها عام واحد مما تسبب لها في صلع سبب لها ضغطا نفسيا واحراجا خاصة مع دخولها المدرسة ومنعت قلة ذات اليد عائلتها من ان تمحو اثر هذا الوجع الذي بقي مرسوما على راسها كوصمة الم ووجع قد تسبب لها عقدة مدى حياتها يحاول هذه الايام بعض اصحاب الخير تسليط الضوء على وضعية نهال والتي لاقت حالتها تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان"صرخة نهال".. دموع الأم تقول الأم سنية:" ولدت ابنتي نهاية العام 2012 بطريقة عادية، وكانت رضيعة جميلة، وكاملة الأوصاف، اوليتها اهتماما كبيرا حتى بدأت تنمو شيئا فشيء ثم أخذت تحبو حتى حلت بنا الكارثة.. الفاجعة.."(تصمت الأم قليلا لتمسح بعض العبرات التي ترقرقت على وجنتيها ثم تواصل سرد الرواية):"كنت ذات يوم نهاية العام 2013 في المطبخ رفقة زوجي بصدد طهي الطعام، وكانت نهال تحبو وتلهو بالقرب منا..". الفاجعة "كنت بصدد تقشير البطاطا بعد ان سكبت الزيت في المقلاة لتسخينه استعدادا لقلي البطاطا عندما اطلقت ابنتي عقيرتها بالصراخ، وعندما التفت كانت الصدمة.. كانت الفاجعة.. كانت الكارثة.. ابنتي طريحة الارض تصرخ وتتخبط بعد ان سكب على رأسها الزيت الساخن اثر قيامها بفتح فرن الموقد والصعود فوقه ثم جذبت المقلاة في غفلة مني ومن ابيها، فهرعت نحوها رفقة زوجي ونقلناها الى قسم الاستعجالي بالمستشفى المحلي بملولش حيث قدموا لها الاسعافات الاولية ثم نقلوها على جناح السرعة الى المستشفى الجامعي الطاهر صفر بالمهدية". رحلة العلاج تطلق الأم المسكينة تنهيدة من الأعماق ثم تواصل:"في المهدية احتفظوا بابنتي تحت العلاج والمراقبة طيلة ستة أشهر ضاقت خلالها ألوانا من الآلام وتعذبت طويلا ثم حولوها الى المستشفى الجامعي سهلول بسوسة، ومنه الى مركز الاصابات والحروق البليغة ببنعروس حيث دامت رحلة العلاج بين المستشفيات الثلاث نحو 18 شهرا، 18 شهرا من العذاب النفسي والجسدي.. 18 شهرا من الدموع وأنا ألمح ابنتي وقد اصابها تشوه كبير..". واضافت بعبارات حزينة:"لقد نجت نهال من الموت بأعجوبة، نظرا لخطورة الحروق البليغة التي لحقت بها في الرأس، وكتب الله لها عمرا جديدا، ولكن التشوه الذي أصابها كان كبيرا واختفى الجزء الأكبر من شعرها.. لم تشعر ابنتي حينها بحجم الكارثة التي حلت بها، ولكن عندما تواترت الاعوام وكبرت ودخلت هذه السنة للمدرسة تدهورت حالتها النفسية". كرهت المدرسة واشارت الأم الى الحالة النفسية الصعبة التي تعيشها نهال في المدرسة جراء ثلاثة حوادث متتالية حصلت لها منذ انطلاق السنة الدراسية وجعلتها تكره الدراسة وتنفر منها، وهنا قالت:" لقد عاشت ابنتي ثلاثة حوادث اثرت في نفسيتها الهشة بطبعها، اذ اقتنيت لها شعرا اصطناعيا ولكن في مناسبتين يقوم تلميذان بجذبه فيسقط ارضا والثالثة معلمتها جذبته عن حسن نية داخل القسم.. كانت ابنتي تتعذب في كل مرة ألف مرة وسط همسات بعض زملائها.. والله بنيتي تتعذب نفسيا وماعادش تحب تمشي للمدرسة". نداء وترجت محدثتنا التونسيين الوقوف الى جانب ابنتها حتى تستعيد بسمتها وتعيش طفولتها، وقالت:"نهال في حاجة لاجراء عمليات تجميلية لتمديد جلدة الرأس ثم عمليات لزراعة الشعر، ونحن عائلة جد متواضعة، لذلك أهيب بالجمعيات والمنظمات ومكونات المجتمع المدني الوقوف الى جانب هذه الملائكة ومساعدتها على استرجاع فرحتها وضحكتها التي غادرتها باكرا..."