تعاقبت الاضطرابات والتحركات الاجتماعية التي لا تدعهما قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل ، وأخذ بعضها صبغة عنيفة ..فيما تطور بعضها الآخر إلى نوع من " التصعيد الخطير" الذي ألحق أذى بمصالح ملايين المواطنين مثلما هو الشأن بالنسبة للاضطرابات في قطاعات القضاء والطاقة والمناجم والنقل والصحة والتعليم.. والجميع يعلم أن أغلب تلك التحركات غير قانونية وفوضوية ..وأن نتيجتها ستكون عكسية بالنسبة للبلاد و لغالبية المواطنين .. وقد تطرّق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي مشكورا بصراحة كبيرة إلى هذه المستجدات ، ودعا بوضوح إلى التمييز بين شرعية المطالب و " التوظيف السياسي أو السياسوي" لاحتجاجات المواطنين ، التي لم تكن غالبا مؤطرة من قبل النقابات .. وأعلن أمين عام اتحاد الشغل، المقرب من الرئيس قيس سعيد ، خلال إشرافه على ندوة الكفيف المبدع بسوسة، أنّ " منظمة الشغالين مع الاحتجاجات والضغط الإيجابي لكنها لن تقبل بتعطيل مرافق الإنتاج"..وأنها ترفض الخلط بين الاحتجاجات القانونية و المدروسة والمعقولة والتحركات التي يدعو إليها أو يتزعمها " فوضويون " و" شعبويون"..من داخل الطبقة الحاكمة وخارجها .. وكان نور الدين الطبوبي في خطاب السبت الماضي في سوسة الشخصية السياسية والنقابية الوطنية الأكثر وضوحا في اعلان اعتراض عن محاولات توريط البلاد في " النزاعات الجهوية ".. وقد طالب أمين عام اتحاد الشغل بوضوح بالابتعاد عن "خطاب الحقد والكراهية والبغضاء والنعرات الجهوية"، واعتبر أن "التنسيقيات وما يسمى باللجان الشعبية مخطّط لها وخطاباتها توحي بأنّ وراءها أطرافًا سياسية". وتقاطع تحليل نور الدين الطبوبي في هذا السياق مع موقف مماثل عبر عنه بوضوح الوزير مدير ديوان رئيس الحكومة معز لدين الله المقدم الاربعاء الماضي في حوار مع اذاعة " موزاييك "، تحدث فيه عن "وجود أطراف تقدم دعما " للذين يقودون التحركات الفوضوية والشعبوية في عدة جهات وبينها في قابس والصخيرة وصفاقس والقيروان وقفصة وباجة والقصرين.. وقد تعهد الوزير مدير ديوان رئيس الحكومة بالتدخل لفرض هيبة الدولة واحترام القانون .. كما أورد نور الدين الطبوبي، أنّ اتحاد الشغل " لن يبقى متفرجًا"، مشيرًا إلى أنّ" ضعف مؤسسات الدولة ألقى بظلاله على الوضع الاجتماعي لتطال رقعة الاحتجاجات جميع القطاعات ".. صحيح أن المركزية النقابية اضطرت تاريخيا إلى مسايرة كثير من الاحتجاجات والتحركات " القاعدية "..لكن تصريحات امين عام اتحاد الشغل تؤكد أن الأمر يتعلق هذه المرة بتجاوز " الخطوط الحمراء" من قبل عدة أطراف اتضح أنها تشجع على مزيد إضعاف الدولة وتلعب مجددا ورقة النعرات الجهوية والقبائل والعروش.. وإذا سلمنا أن المركزية النقابية أصبحت منذ أشهر الطرف السياسي الأكثر قربا من مؤسسة رئاسة الجمهورية فإن تصريحات الطبوبي التي تبرأت من " التنسيقيات" ومن " النعرات الجهوية " تصبح أكثر أهمية ..وعسى أن تصدر قريبا تصريحات مماثلة عن رئيس الدولة قيس سعيد أو عن ناطق رسمي باسمه .. وعلى قيادات الأحزاب الكبرى أن تسير في نفس الاتجاه ..