كشفت تقارير إحصائية أعدها الاتحاد الدولي للاتصالات، مؤخرا، وكذلك بعض المصادر الموثوقة المختصة في متابعة مستجدات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال أن مستخدمي الإنترنات الناطقين باللغة العربية أصبحوا يحتلون الترتيب الثامن عالميا ضمن الشعوب الأكثر استخداما لشبكة الإنترنات، وذلك بعد الشعوب الناطقة بالانقليزية في المرتبة الأولى تليها الصينية في المرتبة الثانية ثم الإسبانية واليابانية والفرنسية والبرتغالية والألمانية ثم تأتي اللغة العربية قبل الروسية والكورية. غير أن عملية الربط بالشبكة على أهميتها للانخراط في مجتمع المعرفة غير كافية في غياب اعتماد اللغة الأم وإثراء المحتوى الرقمي العربي. أعلى نسبة نمو تفيد هذه التقارير بأن العدد الجملي لمستخدمي الشبكة عالميا قد بلغ، خلال الثلاثية الأولى لهذه السنة عالميا، حوالي مليار و600 مليون مستخدم، منهم 29.1% يتكلمون الإنقليزية و20.1% يتكلمون باللغة الصينية و 8.2% بالإسبانية و5.9% باليابانية و4.6% بالفرنسية و4.5% بالبرتغالية و4.1% بالألمانية و2.6% بالعربية و2.4% بالروسية و2.3% باللغة الكورية. مما يعني أن الشعوب الناطقة بهذه اللغات العشر تشكل نسبة 83.8% من مجموع المستخدمين لشبكة الإنترنت في حين أن النسبة المتبقية أي 16.2% تتعلق ببقية الشعوب الأخرى التي تتكلم أكثر من 500 لغة. والجدير بالملاحظة أن نسبة الناطقين بالإنجليزية تدحرجت، في الخمس سنوات الأخيرة من 35.2% إلى 29.1%، وذلك لصالح لغات أخرى مثل الصينية التي ارتفعت نسبة مستخدميها من 13.7% إلى 20.1% والعربية من حوالي 0.3% إلى 2.6% والروسية من حوالي 0.4% إلى 2.4%. والأمر الأهم في هذه الإحصائيات هوسرعة نمونسبة انخراط الشعوب العربية بشبكة الإنترنت إذ تضاعف عدد المنخرطين فيما بين سنتي 2000 و2008 أكثر من 15 مرة حيث قفز عدد المستخدمين من حوالي مليونين و680 ألفا في سنة 2000 إلى حوالي 41 مليونا و400 ألف في سنة .2008 وهي نسبة النمو الأعلى مقارنة باللغات الأخرى إذ نما عدد المستخدمين الناطقين باللغة الألمانية، مثلا، أقل من مرة ونصف، وأكثر بقليل من مرتين بالنسبة للانقليزية، وخمس مرات بالنسبة للفرنسية وتسع مرات بالنسبة للصينية. ولكن هذا لا يمنع من دعوة بعض الدول العربية للقيام بمجهود إضافي للرفع من نسبة الولوج إلى الشبكة(Le taux de pénétration) أي عدد مستخدمي الشبكة بالنسبة لكل مائة مواطن والمقدر حاليا بحوالي 14% كمعدل عربي في حين أن المعدل العالمي يحوم حول 24%. علما بأن بعض الدول العربية تمتلك نسبا أعلى من المعدل العالمي وهي الإمارات العربية المتحدة (48.9%) ودولة قطر (42.6%) ولبنان (39.5%) والبحرين (34.8%) والكويت (34.7%) والمغرب (32.59%) وتونس (26.82%). لغة تخاطب غريبة صادقت هيئة ''آيكن''(ICANN) التي تشرف على إدارة تسمية الميادين وتخصيص عناوين الانترنت، على المستوى العالمي، على كتابة أسماء مواقع الويب بإحدى عشرة لغة غير لاتينية تشمل بشكل خاص اللغة العربية. وانطلقت التجربة بداية من الشهر الحالي حيث يستطيع مستخدمو الإنترنات العرب أن يكتبوا أسماء مواقع لهم بالأحرف العربية عوض الأحرف اللاتينية. ففي الوقت الذي اعترفت فيه أكبر هيئة في العالم تشرف على الإنترنت باللغة العربية كلغة أساسية يتم اعتمادها على الشبكة العالمية، ظل عدد كبير من المستخدمين العرب وخاصة منهم الشباب يستعمل لغة حوار وتخاطب غريبة ليست عربية أو إنقليزية أو فرنسية وإنما هي مزيج من الرموز والأرقام للتعبير عن مفاهيم منطوقة باللهجات المحلية. فعلى سبيل المثال، عوض أن يسأل مستخدم مخاطبه على الشبكة ''هل أنتم مستعدون للحوار معي؟''، فيترجم السؤال إلى لهجته المحلية ''تجي تحكي معاي'' ويكتبها في الخانة المخصصة لذلك ya)3ki m7(Tji ti حيث يرمز الرقم ''''7 إلى حرف ''الحاء'' والرقم ''''3 إلى حرف ''العين''. تذكرني هذه الظاهرة بالعملية الخطيرة لتهويد وعبرنة أنهج وشوارع المدن والقرى الفلسطينية التي تنوي إسرائيل القيام بها، ولكن لغة التخاطب الجديدة على الإنترنات، التي وصفها الباحث المصري الدكتور علي صلاح محمود بمصطلح ''لغة موازية'' وحذر من سرعة انتشارها في أوساط الشباب المصري والعربي، هي أخطر بكثير من تهويد الأنهج والشوارع الفلسطينية لأنها تمس بهوية وحضارة أمة بأكملها. محتوى رقمي هزيل يشكل المحتوى الرقمي عنصرا أساسيا في بناء مجتمع المعلومات، وذلك إلى جانب البنية الأساسية وتأهيل الكوادر وسن التشريعات الملائمة. ولكن المحتوى الرقمي العربي على الشبكة العنكبوتية لا يتعدى نسبة 0.2 في المائة من مجمل المحتوى الرقمي العالمي، وهذه النسبة لا تناسب الثقل البشري والثقافي للأمة العربية ككل ومستخدمي الإنترنت تحديدا. ويعود هذا النقص بالأساس إلى رداءة ما هومتوفر من محتوى أوتعطل المشاريع الكبرى المولدة للمحتوى الرقمي وإثرائه. ومن أهم مصادر المحتوى الرقمي القادرة على صناعة محتوى جيد وتفاعلي هي مشاريع التعليم الإلكتروني والحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية والصحة الالكترونية والزراعة الالكترونية. ومن سوء الحظ ورغم إنجاز مواقع لهذه التطبيقات على الشبكة في معظم الدول العربية غير أنها ظلت تتسم بغياب الرؤية الشاملة وهندسة الاحتياجات الضرورية، مما يغيّب عنها عنصر التفاعل ويجعلها جامدة وفقيرة المحتوى. لغة المستقبل لقد وصف الرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي''، مؤخرا، اللغة العربية بأنها لغة ''المستقبل والعلوم والحداثة''، وذلك تزامنا مع سعي الحكومة الفرنسية لتدريس العربية في جميع مدارسها. كما كرمت هيئة ''الآيكن'' لغة الضاد على الإنترنت واعتمدتها كلغة أساسية لكتابة أسماء المواقع، فلا يجب أن يهجرها العرب بل من واجبهم أن يدعموها ويحرصوا على جعلها لغة المستقبل والعلوم والحداثة أكثر من غيرهم. عبد المجيد ميلاد للتعليق على هذا الموضوع: