عدت إلى الملاعب في الخمسين لأشفي غليلي من معشوقتي دبي الصباح إذا كان الحكيم سقراط يشكل علامة فارقة في تاريخ الفكر الفلسفي العالمي فإن سقراط نجم الكرة البرازيلية السابق أخذ الكثير من حكيم الفلاسفة ..وهو لا يحمل هذا الاسم اعتباطًا. ويعتبر البرازيليون سقراط أو"سكراتيس" حكيمًا متشبعًا بالفلسفة الكروية. منذ نحو سنتين أذاعت وكالات الأنباء العالمية خبرًا يقول إن نجم الكرة البرازيلية السابق سقراط والذي تألق في الثمانينيات مع منتخب بلاده عاد للملاعب مجددًا في سن الخمسين.. والعودة هذه المرة ليست مع منتخب البرازيل لارتداء القميص الأصفر ثانية وإنما مع فريق غارفورث تاون أحد الأندية الأنفليزية الهاوية في يوركشاير، لم يكن الخبر(كذبة افريل) وإنما كان حقيقة حيث انضم سقراط إلى الفريق الأنفليزي الهاوي نزولاً عند رغبة صديقه كليفورد وهو بالمناسبة الرجل الذي يملك النادي لكن مشوار سقراط لم يعمر طويلاً.. بسبب إفراطه في التدخين وتناول الكحول. وسقراط أولييفيرا هو شخصية مثيرة للجدل في البرازيل والعالم بسبب أفكاره الثورية وتوجهاته السياسية.. إلى غير ذلك فهو طبيب ولكنه فضل ترك الطب والانشغال بالكرة.. ومن النادر جدًا أن نجد لاعبًا في كرة القدم يمارس الطب.. وكان زميله السابق توستاو قد سبقه في السبعينيات. امتلك موهبة كبيرة وشكل أحد الأعمدة الفقرية في منتخب البرازيل في الثمانينات، حيث حمل شارة القيادة في مونديالي 82 و 86وصنف كواحد من أفضل لاعبي خط الوسط في تاريخ كرة القدم. ويحتفظ سقراط بذكرى سيئة وهي إهداره لركلة جزاء ضد فرنسا في مونديال 86 ولولا ضياع تلك الفرصة لوصلت البرازيل بعيدًا. ولازال سقراط مؤمنًا بأفكاره الثورية رغم انقراض الشيوعية وهو لم يفقد الأمل في مجتمع مثالي يسوده العدل. سقراط الذي لازال يحتفظ بشبابه رغم علامات السهر البادية على وجهه، التقيته في دبي حيث شارك في مؤتمر الاحتراف وكشف النجم البرازيلي الجوانب الخفية في حياته وخاصة لقاءه مع العقيد معمر القذافي وفكرة الترشح للرئاسة البرازيلية ومشروع الصحيفة الرياضية العربية الذي لم يعمر طويلاً. ومن الطبيعي أن يكون مدخل الحديث سؤالاً يتعلق بأسباب عودته للملاعب في الخمسين وبعد انقطاع دام 14 عامًا؟ الكرة تحتل مكانة بارزة في حياتي.. وكنت دائما أرفض فكرة الاعتزال ولا أعترف بسن اليأس في كرة القدم وعندما عرض عليّ صديقي كليفورد الانضمام إلى فريقه الهاوي فكرت في العودة إلى الملاعب لكي أشفي غليلي من الكرة وأردت في نفس الوقت أن أسدي خدمة لهذا النادي وأن أسلط عليه الأضواء وقبل انضمامي لهذا الفريق لم يكن أحد يعرف اسم نادي غارفورث تاون ومنذ ذلك الوقت أصبحت الأضواء منصبة على هذا النادي. مغامرة ألا تعتقد أنك جازفت بهذه المغامرة؟ هي ليست مجازفة لأن الفريق هاوٍ.. ولم ألعب مباراة كاملة كما أن الفريق كان يرغب في ظهوري من أجل الدعاية. ماذا يفعل سقراط اليوم في حياته؟ أنا أمارس الطب كالعادة.. كما أنني أتولى التعليق لإحدى القنوات الرياضية في البرازيل وقمت بالتعليق على مباريات المونديال الألماني لإحدى شبكات التلفزيون في البرازيل : كانت لديك تجربة مع الصحافة الرياضية العربية واعتقد مع صحيفة (الصدى) الرياضية التي كانت تصدر من إيطاليا ويديرها رجال أعمال ليبيون؟ نعم دخلت في شراكة مع مؤسسة صحفية في ليبيا وأصدرنا صحيفة الصدى وكنت أترأس تحريرها.. لكن التجربة لم تطل كثيرًا ورغم فشلها إلا أنها كانت تجربة قربتني من العالم العربي ومن الكرة العربية. لكن في المقابل خسرت ماديًا وضاع جزء كبير من أموالي نتيجة "عملية نصب" من رجال أعمال أوهموني بنجاح المشروع! ما الفكرة التي تحملها عن الكرة العربية؟ فكرة جيدة ولا أنسى تلك العروض الجميلة لمنتخبي الجزائر في مونديالي 82 و86 وكان المنتخب الجزائري ندًا قويًا لنا.. المغرب أيضًا قدمت كرة جميلة في 86وتونس في 78 وتابعت السعودية في مونديال 94 ولا ينقص الكرة العربية إلا الاحتراف ويجب على العرب أن يتعلموا ثقافة الاحتراف لأن الاحتراف عقلية قبل كل شيء. ثورية أنت تحمل توجهات ثورية ومعروف عنك ميولاتك لشي غيفارا وكاسترو.. من أين جاءتك هذه الثقافة الثورية؟ ترعرعت في بيئة مثقفة وكانت مكتبة والدي تضم عددًا كبيرًا من العناوين الثورية رغم أنه كان معاديًا للشيوعية، وتأثرت كثيرًا بالانقلاب العسكري الذي وقع في البرازيل عام 1964 التقيت العقيد القذافي ونصحك أيضًا بالترشح للرئاسة في البرازيل هل هذا صحيح؟ نعم التقيت الزعيم الليبي في مناسبات عديدة وكان ينصحني دائمًا بلعب دور سياسي في بلادي، ولم يخف أنه معجب كثيرا بمنتخب البرازيل وبي شخصيًا. علمنا من الصحافة البرازيلية أنك تستعد لإصدار كتاب تحكي فيه قصة حياتك؟ نعم هناك كتاب سوف يصدر قريبًا ويوزع في العالم يروي قصة حياتي وسوف تتم ترجمته إلى لغات عديدة منها العربية. حكاية راي لنقترب إلى حياتك الشخصية العائلية.. العائلة أنجبت نجمًا كرويًا آخر وهو شقيقك راي الذي لعب في مونديال 94 ولعب لباريس سان جارمان حدثنا عن راي؟ راي يمتلك موهبة فريدة من نوعها وهو كان يمثل أسلوبًا آخر في الكرة البرازيلية.. وتألقه مع باريس سان جارمان أكبر دليل وأنا سعيد بأن عائلة أوليفييرا دي سوزا أهدت للكرة العالمية نجمين كبيرين. كرة زيكو وسقراط وفالكاو وايدو وروماريو وبيبيتو.. أسماء كبيرة لم تنجب البرازيل مثلها مجددًا لماذا؟ العقلية تغيرت وأسلوب الأداء والخطط تغيرت.. وبالتالي كان من الصعب أن تتكرر هذه المواهب. ومع هذا فإن المصنع الذي أنجب هؤلاء لم يغلق أبوابه بدليل ظهور أسماء أخرى مثل رونالدو ورونالدينهو وكاكا وسيرجينهو. ماسر تألق البرازيل في إنجاب هذه المهارات الفريدة؟ أولاً البيئة الاجتماعية.. فأينما وجدت الفقر تجد الموهبة.. ومعظم النجوم البرازيليين انحدروا من بيئة اجتماعية فقيرة، كما أن ممارسة الكرة في الشوارع وعلى شواطئ كوبا كابانا ساعد على تفريخ كل هذه المواهب. لكنك انحدرت من بيئة ميسورة وليست فقيرة؟ هناك استثناءات وأنا أحد هذه الاستثناءات. جدل لازال الجدل قائمًا حول مارادونا وبيلي من هو الأفضل في التاريخ والأعظم ما رأيك؟ في تقديري بيلي هو الأفضل وإمكانياته فريدة من نوعه.. أما مارادونا فهو لاعب موهوب وله أسلوب مميز لكنه لا يرقى إلى بيلي وليس هذا من باب التعصب. ومن هو افضل لاعب في العالم حاليا؟ رونالدينهو بدون أي نقاش. وماذا عن رونالدو؟ هو لاعب قوي ولكنه كثير الإصابات.. وأعتقد أن أدريانو أفضل منه الآن. من هو اللاعب الذي تنسجم معه أكثر من غيره في منتخب البرازيل؟ زيكو لاعب متكامل يمتلك كل مقومات اللاعب العصري، هو أنيق وسريع وله مواهب فنية عالية وحضور قوي في الملعب وأنا انسجم معه كثيرًا وأعتبره واحدًا من أفضل لاعبي الكرة البرازيلية على مدى تاريخها. إهدار بماذا تفسر إهدارك لضربة جزاء حاسمة أمام فرنسا في مونديال86 ؟ هذا يحدث ومعظم النجوم أهدروا ركلات جزاء وأعترف أنني تسببت للبرازيل في كارثة بإضاعتي لتلك الضربة وأتمنى أن يغفر لي ملايين البرازيليين إضاعتي لتلك الضربة. من هو اللاعب الذي تأثرت به من جيلك؟ تأثرت كثيرًا بالفرنسي ميشيل بلاتيني. جيل الكرة البرازيلية 82 و86 كان ساحرًا لكنه لم يحقق كأس العالم لماذا برأيك؟ أسلوبنا كان الفن للفن ولكن للأسف خذلنا الحظ في 82 وذهبنا ضحية (قرصنة الايطاليين) وفي 86 عصفت ركلات الجزاء بأحلامنا.. ولو لعبنا مثل الإيطاليين لفزنا بكأس العالم. ما هو الموقف الذي أغضبك في كأس العالم؟ تصرفات الحارس الايطالي زوف والذي كان يتعمد إهدار الوقت في مباراتنا الحاسمة في مونديال 82. إذا كان لك ابن هل تشجعه على احتراف الكرة؟