جبنيانة الصباح فجعت عائلة بشير بو عزيزي في ابنها المدعو عبد الحميد وهو كهل ليلة الخميس من الأسبوع الجاري حيث أقدم على تناول مادة الدي دي تي اثر هزيمة فريقه المفضل النادي الإفريقي امام النادي البنزرتي وبقي يصارع الأوجاع لمدة 18يوما حتى فارق الحياة وفتح محضر بحث تحقيقي في الموضوع . عائد من ايطاليا يعاني من مرض السيدا لدى اتصالنا بوالده لإلقاء أكثر ما يمكن من الأضواء على هذه القضية أفادنا السيد بشير والحزن يمزق أحشاءه من جراء الفاجعة التي ألمت به كيف لا وقد فقد فجأة فلذة كبده:"ابني عبد الحميد عاش حياته في الغربة منذ سنة 1986بايطاليا وذاق الأمرين هناك آملا في الحصول على وثائق إقامة قانونية و تسوية وضعيته بايطاليا وتحسين معيشتنا لكن القدر شاء امرا آخر وما شاء الله فعل فقد رجع من بلاد الغربة في سنة 2006 حاملا لمرض مزمن وفي نفس السنة توفيت والدته حسرة عليه مما جعله يصاب بأمراض نفسانية أثرت على شخصيته فأصبح غير متوازن وغريب الأطوار لا سيما وانه أصيب بمرض السيدا عافى الله الجميع فكانت أزمته النفسية أكثر حدة وظل يعالج طيلة سنوات وقد تحصل على بطاقة معاق عضويا ولم نستطع معالجته نظرا لعدم توفر الأدوية اللازمة كذلك عدم قدرتنا على توفير المال اللازم لمتابعة حالته المستعصية فنحن عائلة وافرة العدد وإمكاناتنا محدودة إذ أننا كلنا عاطلون عن العمل ولا مورد رزق لنا سوى ما تدر به الأرض من إنتاج موسمي زهيد . انهزم الفريق فانتحر المحب له ويتوقف الوالد هنيهة يستجمع شتات أفكاره ثم يواصل حديثه قائلا:يوم الواقعة كان يوما مشؤوما بالنسبة لنا فقد تابع عبد الحميد يومها مباراة كرة القدم التي دارت بين فريقه المفضل النادي الإفريقي و النادي البنزرتي وهي اول مرة أراه فيها يتابع مباراة في التليفزيون لأنه لا يروق له الا متابعة الفريق في الملعب نظرا لأنه يتمتع ببطاقة معاق تخول له التنقل مجانا فلا تفوته أي مباراة ،يومها انهزم فريقه المفضل فحز في نفسه ذلك وأحس بالحزن والإحباط فخرج من المنزل إلى بطحاء الحي حيث التقى مجموعة من أنداده يحللون أسباب هزيمة فريقهم التي لم تكن منتظرة بالمرة وبعد مشاركته في الحديث قفل راجعا إلى المنزل ويبدو انه قرر منذ ذلك الوقت وضع حد لحياته كتعبير منه على عدم أداء الفريق الذي هو متيم بعشقه الى حد الجنون .وفي غفلة من الجميع دخل المطبخ واخذ كمية من الدواء الذي كنا نحتفظ به لمداواة الخضر والقضاء على الحشرات الضارة ثم مزجها بالماء وتجرعه، وما هي الا لحظات حتى أحس بأوجاع تمزق أحشاءه فأطلق عقيرته بالصياح ،فهرعنا نجري نحوه لاستجلاء الأمر حيث وجدناه يتخبط على الأرض من شدة الآلام وبجانبه قارورة دواء "الدي دي تي" فعملنا على حمله إلى مستشفى جبنيانة على جناح السرعة لتلقي الإسعافات اللازمة لإنقاذه ونظرا لخطورة حالته فقد عجل الإطار الطبي هناك بحمله إلى مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس حيث ظل يصارع الأوجاع طيلة 18يوما ثم اسلم الروح . رهينة تطلب النجدة ويواصل الوالد الملتاع وأوصاله ترتجف من فرط الصدمة قائلا :ما يحز في نفسي أنني فقدت رجلا ثم لم استطع أن أكرمه فإكرام الميت دفنه لكنني عجزت عن دفنه لأنه ظل مرهونا في المستشفى ذلك أن إدارته طلبت من العائلة دفع مبلغ 4000دينار ونحن عاجزون عن توفير مثل هذا المبلغ المشط بأي طريقة من الطرق ونطلب التدخل الفوري لإيجاد حل لهذه الوضعية المؤسفة والحرجة ثم أني أتساءل كيف لعملية انتحار أن تعتبر حادثا وان يطلب مقابلها أموال باهظة ؟