تونس الصباح مضى اكثر من 16 سنة على ظهور اولى المبيتات الجامعية الخاصة، وذلك بعد القرار الخاص بفتح مجال الاستثمار في هذا القطاع وهو ما سمح بتعدد المشاريع والمبادرات التي استفادت من التطور الكمي في عدد الطلبة بكامل مناطق الجمهورية. غير ان هذا التزايد في عدد المبيتات الخاصة والاقبال المطرد عليها من قبل الطلبة طرح عدة مشاكل. فكيف تبدو الاوضاع في هذه المبيتات؟ وما هي اسباب تخلي الطلبة عن المبيت الخاص والالتجاء للكراء احيانا؟ وما هو دور الهياكل في المراقبة والتسيير والمتابعة؟ تسهر بعض المبيتات الخاصة على الالتزام بالنص القانوني الوارد في كراس الشروط المنظمة لهذا القطاع ويهتم بعض الباعثين بالجانب الخدمي لمؤسساتهم غير ان البعض الاخر منهم جعل من المبيت الجامعي فرصة للربح السريع دونما الاهتمام بالجانب النوعي للخدمة المقدمة باقامات الطلبة. من المسؤول عن هذا الوضع؟ حدثتنا بعض الطالبات المقيمات في احدى المبيتات الجامعية الخاصة بمنطقة العمران الاعلى انهن لا يتمتعن بالراحة خاصة وان المبيت متاخم لمجموعة من المقاهي التي تسهر الى ساعات متأخرة من الليل مما يضطر بعضهن الى التجمع احيانا في غرف بعيدة عن الضجيج الذي يصدره رواد المقهى، هذا اضافة الى قاموس الكلام البذئ المتبادل بين الرواد وهو امر مزعج بالنسبة لهن. وقالت الطالبة امنة س (سنة 2 رياضيات) «ان المضايقات لا تكاد تتوقف اذ يعمد بعض الشبان الى التواجد المستمر تحت نوافذ المقيمات بالمبيت دون مراعاة لراحتنا مما يضطرنا احيانا الى اغلاق جميع النوافذ المطلة على الشارع حتى لا يزعجنا هؤلاء الشبان». ومن جانب اخر تعيش بعض المقيمات مشاكل التنقل حيث ان بعضها لا تتوفر له حافلات خاصة بالطلبة وان وجدت الحافلة فهي لا تبلغ هذه المبيتات مما يكبد المقيمات عناء التنقل من والى المبيت خاصة اثناء الساعات الاولى من الليل سواء عند العودة من الكلية او المطعم الجامعي. وبالعودة الى عناوين المبيتات الجامعية الخاصة نلاحظ بعدها النسبي عن مراكز التدريس وهو ما يفسر احيانا الغياب المستمر عن الدرس واكد بعض الملاحظين ان المعاناة كبيرة بالنسبة لهؤلاء الفتيات اللاتي يضطررن في كثير من الاحيان الى مغادرة المبيت والبحث عن اخر او تسوغ محل للكراء. ولعل اولى الاسئلة التي تتبادر الى الاذهان هي كيف امكن الترخيص لاصحاب مثل هذه المبيتات؟ وهل فكرت دواوين الخدمات الجامعية في هذه الابعاد قبل الموافقة على منح المستثمرين مثل هذه الخدمة؟ مماطلة. وضغط.. يصل ثمن الاقامة في بعض المبيتات الجامعية الخاصة الى حدود 90 دينارا ويطالب المقيم بدفعها دون تأخير. وافادنا بعض الطلبة والطالبات انهم يعيشون تضييقا وضغطا من قبل اصحاب المبيتات او من ينوبهم وصل الى حد التهديد بالطرد او الطرد احيانا ان خالف المقيم شروط الاقامة او ما يصطلح على تسميته «بالنظام الداخلي للمبيت» في حين ان خدمات بعضها لا يرتقي الى المستوى المأمول بالنظر الى الحرمان من النور الكهربائي وتحديد اربع ساعات كمدة لاستعمال الطاقة الكهربائية. اما الادواش فهي تخضع بدورها لمراقبة صارمة حيث تفتح لمدة زمنية قصيرة ولمرة يتيمة في الاسبوع احيانا. وقالت بعض الطالبات انهن يضطررن للقيام بعملية النظافة بأنفسهن من كنس ومسح وجمع للفضلات وذلك في ظل غياب المسؤول عن نظافة المبيت والذي من المفترض ان تعهد اليه العملية. اهل العقول في راحة بعد فشله في اقامة علاقة جيدة بينه وبين نائب مدير المبيت الجامعي الخاص حيث كان يقيم اكد صالح بن عمر (طالب) انه خير الانسحاب من المبيت على ان يعيش مثل هذه الظروف التي وصفها «بالمزرية» والتوجه لتسوغ منزل. ويقول الطالب في هذا الصدد «رغم غلاء الاسعار وانتهازية اصحاب المحلات السكنية المعدة للكراء الا اني اجد نفسي مرتاحا في منزلي الجديد وقريبا من مكان دراستي». واضاف انه يشترك مع بعض الطلبة في تدبير شؤون البيت وهو ما اعطاه فرصة حقيقية لاكتشاف حياة جديدة بعيدة عن المبيت. المتابعة والمراقبة اننا لا نختلف في ان خوصصة جانب من القطاع قد عاضد مجهود الدولة في مجابهة الطلب الكبير على المبيتات الجامعية والاقامة فيها، في ظل التطور الملحوظ في عدد الطلبة وتوزعهم في اطار لا مركزية الجامعة.. ولا ننكر ان المبيت الخاص يلعب دورا بارزا في فتح الاستثمار والمساهمة في توفير مواطن شغل جديدة لكن ما تأتيه بعض ادارات المبيتات الجامعية من اهمال لا ينسحب منواله الا على «الوكايل» فالمبيتات الجامعية الخاصة تخضع لشروط واضحة وهي ليست من قبيل مؤسسات الاستثمار والتجارة انما هي ذات بعد اجتماعي ووطني في المقام الاول. فالمسؤولية في متابعة وسير ومراقبة اوضاع المبيتات تبقى من اوكد مهام المسؤولين على هذا القطاع في ظل اتساع دائرته، اذ لابد من مراقبة لصيقة لاداء كل مبيت وانذار كل مخالف والعقاب الرادع ان لزم الامر على غرار ما يشهده قطاع رياض الاطفال والمحاضن المدرسية او غيرها من مؤسسات النشاط الاجتماعي.