تونس الصباح لماذا تذهب عصارة سنوات من البحث العلمي ادراج الرياح فتفترش غبار رفوف مكتبات الجامعة وتستأنس بمرافقة القوارض؟ جامعيون يرون ان القيمة العلمية للرسالة هي المحدد الاول لنشر البحث من عدمه. فليست كل البحوث تتضمن مواصفات النشر كما يتدخل عامل آخر يخص مبادرة صاحب البحث بطلب النشر. ولكن هل يعني ذلك أن مكتبات جامعاتنا تحوي أطروحات «هكاكة وبرّة»؟ السيد شكري مبخوت عميد كلية الآداب منوبة يوضح بان عملية نشر الاطروحة ليست بآلية لانها تنبني على طلب صاحب الاطروحة في حد ذاته. وتعتبر امكانية نشر جميع البحوث امر غير وارد لانه يرجع اساسا الى المسألة المالية للجامعة. فبالرغم من ان كلية منوبة تنشر سنويا 20 عنوانا الا ان الميزانية محدودة. وقد اضاف ان الكلية لا توفر ميزانية خاصة بالنشر الجامعي فهذه النسبة تدرج ضمن اجمالي مصاريف طبع الوثائق الا اننا نحاول مع اطلالة كل سنة جامعية تمكين اكبر عدد من الاطروحات للنشر. وقد دأبنا على هذه العادة منذ عدة سنوات لتتغلغل في تقاليد الكلية. «مشرف جدا» لا تفي بالغرض ولا تعتبر الملاحظة التي تتحصل عليها الاطروحة «مشرف جدا» بطاقة عبور نحو النشر الا بعد موافقة لجنة النشر لتحديد القيمة العلمية للبحث ورصد الاضافة التي ستقدمها. مع العلم ان اللجنة تتكون من العميد واساتذة في مختلف الميادين والاختصاصات. كما تخضع الاطروحة المناقشة في دول اجنبية لنفس التحكيم قبل اعتماد نشرها اي وجوب مرورها بلجنة النشر للنظر في محتواها العلمي. وتتم عملية نشر الاطروحات بطريقتين. الاولى تتكفل فيها الكلية باتمام كل مراحل النشر والتوزيع اما الطريقة الثانية تهم النشر المشترك مع ناشرين خواص تونسيين وذلك من اجل تقاسم كلفة الاطروحة. وبعد انقضاء 5 سنوات من العقد المبرم بين الكلية وصاحب البحث يتمكن هذا الاخير من الانفراد باختيار شركة التوزيع والتكفل بكل مراحل النشر والتوزيع. في توضيح للدكتور حميد بن عزيزة عميد كلية 9 افريل فان اكبر هم الكلية والجامعة التونسية ترويج الكتاب بأسعار التكلفة دون احتساب هامش الربح لانه بكل بساطة الجامعة في تونس ليس لها صبغة تجارية. طلب عربي على الكتاب التونسي ولكن... رغم الطلب الكبير على الكتاب الجامعي في الاوساط الطلابية سواء على مستوى المعارض التي ينظمها قسم النشر او عبر معرض الكتب او على المستوى الدولي الا ان المختصين يرون بان اشكال توزيع هذه العناوين يحول دون النهوض بنسبة الاقبال عليها خصوصا لدى القارئ العربي في اختصاصات اللسانيات والتفكير الحضاري والتي تستهويه بشكل كبير. السيد شكري مبخوت عميد كلية الآداب منوبة يوضح ان هذه الاشكالية تعود اساسا الى افتقاد حلقة التوزيع، في حين ان السيد حميد بن عزيزة يرى ان الاشكال الذي يؤرق الكتاب التونسي تدني نسبة الاقبال فالقارئ التونسي اصبح اليوم عملة نادرة يصعب استقطابها. رغم اختلاف العوائق امام النشر الجامعي فان قيمة البحث التونسي تظل محل استحسان اوساط عالمية من فرنسا واليابان والمانيا والصين لذلك فان العديد من الكليات في تونس تفكر جديا بوضع نسخة الكترونية للبحوث والدراسات العلمية القيمة قصد تبادل الابحاث والتعريف بمستوى البحث العلمي وما تزخر به البلاد من رجال علم اكفاء. فتونس تضاهي عدة بلدان اوروبية في قيمة الاستثمار الموجه للبحث العلمي الذي رفعت حصته من الناتج المحلي الاجمالي من 1.25% حاليا الى 1.5% سنة .2014 وخلافا لنشر الاطروحات توجد انواع اخرى للنشر الجامعي والتي لا تقل اهمية عن الاولى وتتمثل في اعمال وحدات البحث (ندوات علمية وملتقيات) والاعمال الفردية والمجلات العلمية. وتخضع هذه المنشورات والبحوث بدورها الى تقييم لجنة مختصة تنظر في قيمة البحث.