شهد الاقتصاد التونسي في الاشهر الاخيرة عدة تحولات جعلت كثيرين من عالم المال والاعمال يتوقعون ركودا اقتصاديا في السنة الحالية اوبعض الانكماش على حد تعبير بعضهم وهي نتيجة طبيعية لتقلبات ثورة أطاحت بطاغية جثم على نفوس الملايين. تحدثت وسائل الاعلام عن مساعدات مالية اوروبية منتظرة. فهل يمكن اعتبارها حلا في ظل تراجع الاقتصاد التونسي وماهي الوضعية الحقيقية لاقتصادنا الوطني وماهي الحلول العاجلة والآجلة للنهوض به؟ تميز العقد الأخير من حكم الرئيس المخلوع بالفساد المالي المتمثل في سيطرة عائلته واصهاره على مناخ الأعمال في بلدنا بطرق غير قانونية اما مستغلين النفوذ اوالمحسوبية اوعبرالاستيلاء وهو ما ثر سلبا على الاستثمار والمستثمرين, فالقروض التي تدين بها الشركات وعدد من الاشخاص المرتبطين ببن علي الى عدد من البنوك العمومية والخاصة تصل قيمتها الى 2500 مليون دينار أي ما يعادل 5 % من حجم التمويلات البنكية في تونس. في المقابل وتجاوبا مع الظرفية التي تعيشها تونس في الفترة الاخيرة تحدثت دول اوروبية عن تقديم دعم مادي على غرار فرنسا وايطاليا والاتحاد الاوروبي.كما اعلن البنك الافريقي للتنمية عن استعداده لتقديم قرض مالي هام. النابلي يحذر خلال الندوة الصحفية التي عقدها في بحر الاسبوع المنقضي حذر محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي مما سماه «الانزلاق او الانفلات الاقتصادي» المرتبط اساسا بالوضع الامني و تباطئ عودة الحركة الاقتصادية الى مسارها الطبيعي.في المقابل دعا الى التسريع في استعادة النسق العادي لمستوى الانتاج و التصدير وبالتالي المحافظة على مواطن الشغل الموجودة بل و العمل على خلق مواطن عمل جديدة في ظل وجود مستثمرين. تراجع لقد اثر تراجع القطاع السياحي في فترة ما قبل الثورة وبعدها على الاقتصاد الوطني حيث قالت شركة «تي.يو.آي»وهي واحدة من اكبر شركات السياحة في اوروبا انها قد تتضرر بنحو 5 ملايين جنيه استرليني بسبب الاوضاع في تونس الا انها لم تخف تفاؤلها بتحسن الحجوزات في قادم الايام شرط استتباب الامن بصفة كلية. من جهته اكد المتحدث باسم صندوق النقد الدولي «ديفيد هاولاي»على انه من المبكر جدا وضع حصيلة نهائية للتداعيات الاقتصادية التي نتجت عن التحولات والظروف التي شهدتها بلادنا في الفترة الاخيرة لكن الثابت وحسب رايه ان هذا الامر ادى الى انخفاض في النشاط الاقتصادي. الحلول لم يخف الخبير الاقتصادي التونسي محمد عبد الناظر قلقه بشان الوضع الاقتصادي في بلادنا لوقوف العديد من المصانع عن العمل وبالتالي تراجع التصدير,الا انه شدد على اهمية المساعدات التي اكدت بعض الدول الاوروبية عزمها على منحها لتونس اذ قال متحدثا عن موقفه من تصرف الحكومة المؤقتة :» اعتقد ان الحكومة الحالية لم تتخذ والى حد الآأن أي اجراءات عاجلة بل انها بصدد اخذ هامش لا باس به من الوقت للتحرك بشان أي وضع خاصة الوضع الاقتصادي على الرغم من انها حكومة انتقالية لكن ذلك لا ينفي عنها المسؤولية في اتخاذ قرارات حاسمة تهم البلد.» وقد دعا محدثنا الى ضرورة اتخاذ اجراءات واصلاحات هيكلية مثل التوجه نحو قطاعات اقتصادية واعدة على غرار التركيز على السياحة الثقافية او الرياضية او البيئية والاهتمام بالقطاع الفلاحي كالفلاحة البيولوجية وايلاء اهمية اكبر للمناطق الفلاحية التي بها اراض خصبة وسهول.وعن التوجهات المستقبلية للحكومة القادمة قال عبد الناظر:» ليستعيد اقتصادنا عافيته بشكل كلي على الحكومة القادمة العمل على استعادة ثقة المستثمرين عبر توفير مناخ سياسي و امني لازمين لان تقدم الاقتصاد و تسارع حركيته ترتكز اساسا على عودة الامن بشكل كلي وتعصير الموانئ التجارية لتيسير عملية الاستيراد و التصديروتنفيذ تنمية متوازنة بين الجهات خاصة الجهات الداخلية منها.» لقد حال الفساد المالي الذي عرفته تونس في عهد بن علي دون قدرة الاقتصاد التونسي على استيعاب جحافل العاطلين عن العمل واغلبهم من حاملي الشهادات العليا,لكن و بعد ثورة الكرامة والتي شددت على ضرورة نيل التونسي لابسط حقوقه مثل الحق في العمل فان كثيرين من العارفين بالمجال الاقتصادي يعتقدون ان انتعاشة الاقتصاد التونسي من جديدتبقى رهينة استقرار الوضع السياسي في البلاد ونجاحها في المرورالى الديمقراطية الفعلية ليست ديمقراطية الرئيس المخلوع.