عاد التوتر أمس وبحدة إلى القصرين بعد الهدوء النسبي الذي عرفته الجهة منذ خروج النظام البائد من الجهة يوم 10 جانفي الفارط. ووفقا لما صرح به شهود عيان ل "الصباح" فقد قام عدد من المتظاهرين بإحراق العجلات المطاطية وسط الطرقات و تم إحراق عدد من المقرات الحكومية. فأحرق المتظاهرون منطقة الأمن الوطني والسيارات الرابضة بها وتحدث البعض عن الإستيلاء على بعض المعدات فيها .كما تعرّض مركز المدينة إلى الحرق الذي رممه الأهالي مؤخرا بعد إحراقه خلال أحداث الثورة. وقع أيضا الإعتداء على مقرات حكومية أخرى بالإتلاف والنهب وطالت هذه الأعمال القباضة ومقر الديوانة و إدارة للفلاحة ومقرا للتراتيب البلدية والإدارة الجهوية للشؤون العقارية وأملاك الدولة... وأغلب هذه المقرات من المفترض أنها تحت حماية الجيش منذ بداية أحداث الثورة في الجهة وإلى اليوم.الأمر الذي طرح نقاط استفهام كبيرة في صفوف الأهالي عن الحياد الذي أبداه الجيش أمس وعدم تدخله لحماية المقرات التي يحميها والاكتفاء بادئ الأمر بإطلاق بعض الأعيرة النارية في الهواء.ثم بقي يرقب من بعيد عمليات الحرق والنهب. وتضاربت الروايات حول إنطلاق هذه الأحداث وتطورها لعمليات حرق وتخريب. فتقول الرواية الأولى أن الدافع وراء انطلاق هذه الأحداث سببه حالة الإحتقان التي يعيشها الأهالي بسبب أداء الحكومة المؤقتة واللجان التي كونت لا سيما لجنة تقصّى الحقائق في الأحداث الأخيرة التي لم تتصل إلى الآن بعائلات الشهداء في الجهة كما لم يتم الكشف عن الجناة والقناصة هذا إلى جانب الشعور السائد لدى الأهالي بتواصل سياسة التهميش للجهة رغم حجم التضحيات المقدمة خلال هذه الثورة. وزاد في تأجيج هذه المشاعر وفقا لأهالي الجهة ما تم الإعلان عنه مؤخرا عبر وسائل الإعلام بأن الحكومة المؤقتة خصصت اعتمادات مالية لبعض المناطق المجاورة وتحويل إعتمادات مالية كانت موجهة للمستشفي الجهوي بالقصرين إلى ولاية قفصة. في الوقت الذي صرح فيه أمس والي الجهة الجديد للمرابطين أمام مقر الولاية ،لتقديم مطالب التشغيل والمطالبة بالتنمية ، بأن الحكومة المؤقتة لم ترصد للولاية أي إعتمادات أو إعانات إلى حد الآن لتوزيعها على الأهالي وعليهم الإنتظار .الأمر الذي أجج مشاعر الغضب لدى البعض ودفعهم للتوجه إلى بعض المقرات الحكومية وحرقها كتعبير عن سخطهم عن آداء هذه الحكومة. بقايا النظام السابق تشير رواية ثانية حول أحداث أمس أن بقايا التجمع يقفون وراء تطور الأحداث في شكل يذكّر بأحداث الحرق واتلاف المقرات والنهب الذي سجل خلال أيام 8 و9 و10 جانفي الفارط .ويقول من يرجحون هذا الإحتمال أن بقايا النظام السابق استغلوا توجه عدد من أبناء الجهة للإعتصام في العاصمة وسعوا لإحداث البلبلة لأنهم أول المستفيدين من عودة الفوضى والانفلات في الوقت الذي تتجه فيه الأمور إلى الإستقرار على المستوى الأمنى على الأقل. ومهما يكن من يقف وراء هذه التطورات الخطيرة فالأهالي في الجهة يحمّلون الحكومة المؤقتة وآداءها الضعيف والمتذبذب مسؤولية ما حدث.ويطالبون بتدخلات عاجلة لفائدة ولاية القصرين لفرض الأمن من جهة وللتحقيق جديا في المجزرة المرتكبة في حق أبناء الجهة و محاسبة كل المتورطين في عمليات القتل بالإضافة إلى الإلتفات إلى المطالب التنموية المستعجلة لجهة عانت التهميش طيلة سنوات.