بعد "الهدوء النسبي" في الوضع السياسي للبلاد وانحصار الجدل مؤخرا حول الفصل 15 من المرسوم الانتخابي وما رافقه من لي ذراع بين الحكومة والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، جاء "التصريح الفايسبوكي" للسيد فرحات الراجحي رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان برتبة وزير ووزير الداخلية السابق ليشعل فتيل أزمة جديدة من خلال "تصريحات" غير عادية كشفت أسرارا خطيرة تتعلق بواقع البلاد ومستقبلها السياسي والأمني... موجها اتهامات للحكومة بأنها حكومة صورية وأن هناك حكومة ظل يقودها رجل الأعمال السيد كمال اللطيف الذي يعين الوزراء والمسؤولين وان زيارة الباجي قائد السبسي إلى الجزائر كانت للتحضير لتصورات وسيناريوهات التصرف إذا ما فازت حركة النهضة في انتخابات 24 جويلية وإمكانيات الانقلاب العسكري ضدها..كما لمح إلى زيارة الجنرال رشيد عمار إلى قطر واحتمالات لقائه بالرئيس المخلوع هناك وكذلك الصراع الجهوي حول السلطة ودور "السواحلية" و"البلدية"...تصريحات ليست بالبسيطة بل ذات أهمية قصوى ومحددة لمصير البلاد من شأنها نشر الفتنة وإثارة النعرات الجهوية و حتى جر الشعب التونسي للاقتتال...الراجحي تراجع عن بعض ما صرح واعتذر وذهب في تصريح لقناة "حنبعل" إلى تحميل المسؤولية للصحفيين الذين أجروا اللقاء متهما إياهم بنصب "كمين" وعدم المهنية. ويبدو أن الراجحي لم يقدر خطورة تصريحاته وردود الفعل الممكنة... لكن مهما كانت تأثيرات هذه التصريحات وردود الفعل من الضروري أن يتحمل كل طرف مسؤوليته...فمثل هذه التصريحات في أي دولة ديمقراطية يجب أن تتلوها قرارات واجراءات..فإما أن يتحمل الطرف المصرح مسؤوليته ويكشف بالحقائق والراهين ما ذهب اليه وفي هذه الحالة على الاطراف المدانة والمتهمة ان تتحمل مسؤولياتها وتستقيل وتعتذر لشعوبها وتنتظر كلمة القضاء ان كان هناك ما يستدعي إحالة الملفات على القضاء..أو أن يتحمل "المصدر" مسؤوليته وإن عجز على إثبات ما ادعاه فما عليه سوى تحمل مسؤولياته أمام الشعب والقضاء. واذا اعتبرنا أن تونس قطعت مع العهد البائد ودخلت مرحلة الديمقراطية والشفافية...فيجب أن تسفر عن هذا الملف تبعات ولا يمر مرور الكرام..فأما أن يتحمل السيد الباجي قائد السبسي والجنرال رشيد عمار وكمال اللطيف وكل من ذكر اسمه في تصريحات الراجحي المسؤولية إن كان في تلك التصريحات نوع من الصحة...وان ثبت العكس فلا مفر من أن يتحمل الراجحي مسؤوليته كاملة...ولا مجال لإغلاق الملف دون ثبوت من أخطأ في حق هذا الشعب. وفي هذا الإطار أكد القاضي مختار اليحياوي ل"الصباح" على "ضرورة تحمل كل طرف لمسؤوليته وضرورة ان يقول القضاء كلمته في ما صرح به وزير الداخلية السابق. وأضاف ان المهم في تصريحات الراجحي ليس فحواها بل ردود الفعل التي أنتجتها والتي أكدت ان الانترنات قادرة على تحريك الشارع وان الثورة مازالت قائمة". وقال انه و"من الناحية الجزائية هناك إمكانية مقاضاة من يستغل نفوذه وقوة نفوذه في أشياء مضرة بالغير وأن هناك من يجهز اليوم في ملفات لرفعها أمام القضاء للنبش في الملفات المثارة وانه بالإمكان محاكمة قائد السبسي وحتى المبزع..كذلك بالإمكان محاكمة الراجحي نفسه إن ثبت عكس ما قال أو إذا رأى البعض في كلامه ثلبا على غرار مؤسسة الجيش الوطني وهي مؤسسة محل احترام". و الأكيد أن تصريحات الراجحي لن تقف عند هذا الحد خاصة بعد التحركات التي شهدتها البلاد بداية من الليلة قبل الماضية ويوم امس والأكيد أن هناك من سيدفع الثمن..