علياء بن نحيلة كان لا بد من هذه الوقفة الاحتجاجية التي اقرها الزملاء بالتلفزة التونسية على اثر الاعتداء على الطاقم الصحفي العامل بوحدة الإنتاج التلفزي بقفصة وتعرض الزميل المصور والصحفي عماد الآجري خلال تغطيتة لأحداث المتلوي إلى العنف الشديد الذي أسفر عن ضرر جسدي بليغ ألزمه الإقامة بالمستشفى إذ تضرر على مستوى عموده الفقري ورقبته ويده وعينه اليسرى. وهذا العنف الغريب عن قيم التحابب والتكافل التي اشتهر بها التونسي شمل أيضا الزميلة عائشة الجمني والسائق عبد الله بالطيف وهو ما دفع مصوري وصحفي التلفزة التونسية إلى وقفة احتجاجية تمت صباح أمس مساندة لكل الزملاء الذي عنفوا. وكان لا بد كذلك من ان يوضح الصحفيون رأيهم ويعبروا عن رفضهم عملية إدخالهم في أي صراع مهما كان نوعه وضرورة ان يحافظوا على استقلاليتهم وان يلتزموا بالعمل في إطار ما تسمح لهم به أخلاقيات المهنة وما سطروه لانفسم من حياد في نقل الأخبار- ولم يكن هذا بالامر الهين...- إننا نستغرب ان يبقى الزملاء عرضة للاعتداء والعنف خاصة وأننا مازلنا نذكر ما حدث لزملائنا وما تعرضوا له من اهانات وضرب ومن مصاعب في نقل الخبر في اعتصام القصبة 1 والقصبة 2 وحتى نقل مباريات كرة القدم والعمل الميداني بصفة عامة الذي أصبح الصحفي يخرج له وهو لا يامن على حياته رغم الانتفاضة التي قاموا بها ورغم حرصهم على تنظيف القطاع من كل ما كان يعيق استقلاليتهم وحيادهم في نقل الحقيقة. ونتساءل هنا لما يقف بعض المواطنين - وموقفهم يهمنا مهما كان عددهم- مثل هذه المواقف المعادية الآن وقد تغير كل شيء واقتربت منهم الكامرا لتعري الحقائق وتوصل صوتهم دون زيف ولا ضغط ودون تحجير او صنصرة مثلما أرادوا وعبروا في منابر مرئية ومسموعة عديدة. أننا نتفهم ان يتم التعامل مع الإعلاميين بحذر لان العلاقة بين الصحفي والمواطن مازال يشوبها بعض الشك والريبة ولكن الشك والريبة لا يعنيان بالضرورة كل هذا العنف. و نتفهم أيضا ان المواطن يحتاج لوقت وجهد إضافي ليعلم أنه تخلص من الإعلام البنفسجي وليثق في كل الإعلاميين الذين يتفقون اليوم على ضرورة تحسين الأداء ويعملون من اجل ذلك ولكن هذا يتطلب وقتا وصبرا وثقة تساعد الإعلاميين على ان يقفوا في صف الشفافية والحقيقة مهما كانت مرة وقد كانتا من المطالب الأساسية لثورة تونس. و لان هؤلاء الذين يتعرضون للعنف أبناء لتونس، يعملون من اجلها ويساهمون من موقعهم في إيصالها إلى بر الأمان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى كغيرهم ممن يذودون اليوم عنها في بقية مجالات الحياة فإننا مطالبون بمنحهم هذه الفرصة وبان نثق في أنهم سيؤسسون لإعلام نزيه شفاف حر غير معني بالحماية من أي كان وتعنيفهم ومنعهم اليوم من القيام بعملهم إنما هو دفع مباشر للعودة إلى الوراء ولإعادة بسط الهيمنة على الإعلام لان طلب الحماية ثمنه الولاء والحرية والاستقلالية وقد قامت ثورتنا ضد الولاءات مهما كانت مصدرها.