كان يوم الثلاثاء 21 جوان الجاري يوما استثنائيا إذ استقبلت عاصمة الجنوب صفاقس الوزيرالأول المؤقت الباجي قائد السبسي في زيارة له هي الأولى بعد الثورة، وذلك لافتتاح الدورة 45 لمعرض صفاقس الدولي. هذه الدورة التي كادت توشك أن تغيب. «الأسبوعي» عادت لهذه الزيارة للتطرق إلى ما خفي منها وما تعمد البعض إخفاءه. زيارة قائد السبسي تم الاستعداد لها بشكل جيد وذلك على المستوى الأمني.أبناء عاصمة الجنوب لم يستقبلوه بالأحضان، والورود والتهليل والتكبير، بل استقبلوه بشعارات عديدة في الساحة الموجودة أمام المدخل الرئيسي لفضاء المعرض وسط حراسة مشددة من رجال الأمن وكذلك الحرس الرئاسي الذي تعودنا مشاهدته في مثل هذه المناسبات.وراء السياج الحديدي الذي أقاموه حماية للوزيرالأول تجمع عدد كبير من المواطنين شبانا وكهولا وشيوخا: نساء ورجالا،ومن بين الشعارات التي رفعوها بالصوت أوعلى لافتات مكتوبة ما يمس شخص الوزير الأول ومنها: « لا للتطبيع مع العدو الصهيوني» و«لا للتفويت في الأراضي التونسية، و«لا للقواعد الأجنبية في تونس» و«تونس دولة مستقلة،لغتها العربية، ودينها الإسلام» وغيرها من الشعارات التي ترفض التبعية وتنادي بتثبيت عروبة تونس،وانتمائها إلى الإسلام.
المشهد من الداخل
كان المشهد يوحي في الداخل بأن شيئا لم يتغيرعما كان عليه الأمر منذ أكثر من عقدين من الزمن،لاسيما في قاعة المؤتمرات التي تعود الوزير الأول السابق إلقاء كلمته المعتادة فيها كل سنة بمناسبة تدشينه لكل دورة جديدة من معرض صفاقس الدولي. في مدخل القاعة تكفل الأمن الرئاسي بمراقبة الدعوات الخاصة الموجهة لمن تمت دعوتهم لحضور خطاب الوزير الأول. وجوه أمنية تعودنا مشاهدتها في مثل هذه المناسبات، كنا من بين الأوائل الذين دخلوا القاعة لرصد المشهد الذي لم يتغير،إذ سجلت جميع الوجوه «التجمعية» المعروفة في عهد «المخلوع» عودتها إلى التظاهرات السياسية، فظهرت هذه المرة بقوة وهم الذين كانوا من بين الذين خبؤوا رؤوسهم على امتداد الأشهر السابقة وجاؤوا اليوم ليحتلوا المقاعد الأمامية في القاعة، للتصفيق والتهليل و»التبندير». أحد هؤلاء قال لمن كان في آخرالقاعة ينادي برحيل أذناب بن علي «ديقاج» مما أثار ضحك الكثيرين.
دعابة وصرامة
كلمة قائد السبسي تميزت بالدعابة أحيانا والصرامة أحيانا أخرى للدعوة إلى الهدوء باعتبارأن مجموعة من الرافضين لعبد اللطيف الزياني، رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة كانوا يطالبونه بالتنحي من آخر القاعة، فقال لهم قائد السبسي بالحرف الواحد: «اسكت...اسكت...اسكت» وفي بداية كلمته،عاد الرافضون للزياني إلى مطالبته بالتنحي فأجاب قائد السبسي أحدهم قائلا : «أعرفك جيدا». أكد قائد السبسي في كلمته بالخصوص على أن الديمقراطية إذا لم تنجح في تونس لن تنجح في أي بلد، وأضاف قائلا : «أنا واثق من أننا سننجح في إقامة نظام ديمقراطي يجمع بين الإسلام والديمقراطية والعروبة».وأكد أنه لا يمكن أن تتقدم البلاد بالاعتصامات والإضرابات. فمن غيرالمعقول أن تتوقف شركة مثل شركة «بريتيش غاز» عن الإنتاج وهي التي تنتج 66 بالمائة من إجمالي الغاز في تونس، وكذلك شركة «بيتروفاك» في قرقنة، مشيرا إلى أنه لا يمكن توزيع أرباح شركة ما على متساكني المنطقة التي توجد فيها الشركة أوالمصنع. وعرج في حديثه على عبارة «ديقاج» التي اعتبرها ظاهرة جديدة،وانها انتهت الآن، وذكر الجميع بأن تونس على شفا حرب على الحدود التونسية الليبية، ودعا الله بأن يفرج على الشعب الليبي، وعبر عن يقينه بأن الشعبين التونسي والليبي سيخطوان خطوة عملاقة نحوالتقدم، وذكر بأن بلادنا قد استقبلت 550 ألف لاجئ إلى حدود الأيام القليلة المنقضية، وأن التونسيين قد استقبلوا الليبيين الذين استقبلوا بدورهم التونسيين في الماضي عند الشدة. واعتبر قائد السبسي أن حكومته التي استلمت مقاليد الأمورقبل ثلاثة أشهر ونصف قد حققت تحسنا على المستوى الأمني وقطعت أشواطا نحو الاستقرار، ولكن ما زال أمام الجميع الكثير من العمل والجهد لكي تنجح الثورة وينهض الاقتصاد. وأكد على أن صفاقس بإمكانها أن تعتمد على أبنائها، فرد عليه أحدهم قائلا : «ليس لدينا إمكانات؟ فأجابه بسرعة : «لديكم الأفكار والأدمغة» وهنا يشار الى ان الوزير الأول لم يتحدث عن النقائص العديدة التي تشكو منها المدينة وبقية مناطق الولاية.