ينطلق اليوم الفصل الثاني من فصول محاكمة الرئيس السابق زين العابدين بن حمدة بن علي بعد أن أثارت أول جلسة محاكمة له في تاريخ 20 جوان الجاري الكثير من الجدل، وكان المخلوع قد علق في بيان صدر عن طريق مكتب محاميه الفرنسي جون ايف لوبورني على أول جلسات محاكمته في تونس محاولا تسريب احساسه بالظلم والظهور بمظهر الضحية والتشكيك في مصداقية القضاء التونسي. "الصباح" اتصلت بمحامين و مصادر حقوقية لمعرفة الهنات التي اعترت أول محاكمة للمخلوع ومدى امكانية تنفيذ الأحكام الغيابية الصادرة ضده وفي هذا السياق أجمع عدد من المحامين على "سقوط استقلالية القضاء في أول محاكمة هامة بعد الثورة" والتي تمت حسب رأيهم" تحت ضغط الرأي العام والسلطة السياسية" واعتبروا أن المحاكمة لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة. و أكدوا على استحالة تنفيذ الحكم الصادر ضد المخلوع في الخارج واعتبروا أن الحكم شكلي لأنه لم يتم احترام شروط المحاكمة العادلة فمثلا حسب مانص عليه الفصل 11 من مجلة القانون الدولي الخاص فانه "لا يأذن بتنفيذ القرارات القضائية الأجنبية اذا كان القرار الأجنبي مخالفا للنظام العام في مفهوم القانون الدولي الخاص التونسي أو كان صدر وفق اجراءات لم تحترم حقوق الدفاع" ومن أبرز الهنات التي غيبت محاكمة عادلة للمخلوع هي بطلان الاجراءات باعتبار انه لم يتم استدعاء المتهم طبق أحكام الفصل 136 من مجلة الاجراءات الجزائية اذ كان يمكن استدعاء المتهم بواسطة عدل تنفيذ أو تبليغ الاستدعاء بالطرق الديبلوماسية مثلا بواسطة السفارة التي تبلغه له شخصيا، كما تم رفض مطلب المحامين المسخرين لتأخير القضية ولاحظوا أنه في قضية الأموال المحجوزة بالقصر الرئاسي والتي تحمل أختام البنك المركزي كانت اجراءات الحجز فيها في حد ذاتها باطلة وتم ابطال الدليل فيها بعدم احالة شركاء المخلوع فيها من مسؤولين بالبنك وغيرهم لمحاكمتهم معه. محاكمة عسكرية باطلة أما في خصوص القضايا التي سيحال من أجلها المخلوع على المحكمة العسكرية فقد أكد مجموعة من المحامين أن محاكمته أمام المحكمة العسكرية باطلة باعتبار أن هذه المحاكم هي من المحاكم الاستثنائية التي تندد بوجودها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والأحكام الصادرة عنها غير معترف بها دوليا وليس لها قيمة لذلك كان من الأجدر محاكمته من طرف المحكمة الابتدائية بتونس وادخال بعض التعديلات على القانون لتحقيق محاكمة عادلة. وأكد عدد ممن استجوبناهم أن عدم توفر ظروف المحاكمة العادلة هو لصالح المخلوع باعتبار أنه اذا تم ايقافه في الخارج تنفيذا لبطاقة الجلب الصادرة ضده والأحكام التي ستصدرها المحاكم التونسية فانه بامكانه الطعن في الخارج في قرار ترحيله وبالتالي فان الحكم الغيابي الصادر عن المحكمة التونسية ضد المخلوع هو غير نهائي ويستحيل تنفيذه بالخارج. وفي هذا السياق كان يمكن التروي ودراسة عملية المحاكمة من مختلف الجوانب لتجنب الثغرات الحاصلة والتي تمثل ورقة رابحة في صالح المخلوع الذي ارتكب عديد الجرائم في حق الشعب والبلاد ومن الضروري أن ينال جزاءه في أطر قانونية واجرائية واضحة وسليمة. فاطمة الجلاصي