الدوحة الصباح من مبعوثنا صالح عطية شهدت العاصمة القطرية الدوحة أمس، توقيع اتفاق تاريخي للسلام بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، في حفل مهيب بالقاعة الضخمة لفندق شيراتون بالدوحة التي سجلت حضور نحو ثلاثة آلاف شخص جاؤوا من السودان ودارفور وإيرتريا وإفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو والأمم المتحدة والجامعة العربية وسط إجراءات أمنية مشددة وتنظيم شديد الدقة في «دوحة المؤتمرات»، كما يصفها القطريون. ورغم أن الحفل سجل تأخيرا بنحو ساعتين، إلا أن الوفود الحاضرة رابطت بقاعة الفندق، ورؤوسها مشرئبة لإطلالة الزعماء ومهندسي الاتفاق، وعندما ظهر «الرسميون» في تمام الساعة السادسة بتوقيت الدوحة (الرابعة بتوقيت تونس)، ارتفت شعارات مثيرة ولافتة، مرفوقة بزغاريد نساء السودان ودارفور، بينها «لا إلاه إلا الله البشير»، و»ثورة ثورة حتى النصر»، و»سلام سلام دارفور سلام». كانت تلك الشعارات تنبعث بينما تنهمر بعض الدموع، دموع الفرح من بعض الوفود السودانية، التي فسرها أحد الحضور ل«الصباح» بكونها تعبيرا عن رغبة السودانيين والدارفوريين في السلام والإستقرار، قائلا في هذ السياق: «لقد سئمنا الحروب والصراع ونريد أن نرتاح ونهنأ». وكان الحدث شهد الكثير من القبل والتهاني بين الوفود السودانية المختلفة، قبيل انطلاق الحفل ليستأنف الحاضرون التهاني الطويلة بعد انقضاء الحفل. وقال أمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي اشرف على حفل توقيع اتفاق السلام في دارفور، أن مفاوضات التوصل إلى هذا الاتفاق، استغرقت نحو ثلاثين شهرا (منذ أواخر العام 2008)، «فاستنزفت أموالا وبشرا وطاقات وفتحت شهية المطامع الأجنبية»، وأوضح أن جهودا مضنية تم بذلها في ضوء الصعوبات التي ظهرت بين الفينة والأخرى، ساهمت في تأخر عملية التوقيع، مشيرا في هذا السياق إلى أن الكثير من الأطراف تدخلت من موقعها لفض إشكالات عديدة وصعوبات جمة، على حد قوله، منوها في هذا المجال بجهود الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية، وعدد من الزعماء الأفارقة، وقبل ذلك، حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة الدارفورية. ودعا أمي قطر جميع الحركات والأطياف السودانية إلى «صنع سلام حقيقي» ينهي إلى الأبد الصراع والضغائن التي عصفت بدولة السودان. وكان اتفاق السلام الذي جرى توقيعه بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، قد تم على أساس وثيقة الدوحة لسلام دارفور التي أقرها المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة في دارفور، والتي حظيت بدعم إقليمي ودولي، ممثلا في جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وحضر هذا الحفل، التيجاني السيسي، حركة التحرير والعدالة، والرئيس السوداني عمر حسن البشير وقادة دول إريتريا وتشاد وإفريقيا الوسطى، إلى جانب ممثلي الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والشركاء الإقليميين والدوليين. يذكر أن السودانيين حيوا طويلا أحمد بن عبد الله آل محمود، وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، الملقب ب «الوسيط المشترك»، بالنظر إلى جهوده التي يصفها أهل السودان والدارفوريون تحديدا، ب «الشاقة والمضنية» للتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي وصياغة نصه.
أبرز المحطات في مسيرة اتفاق السلام في دارفور
23 افريل 2009: بدأ ممثلو خمسة فصائل سودانية تنتمي لإقليم دارفور زيارة للدوحة بهدف إجراء مشاورات تمهيدا لانضمامها إلى مفاوضات موسعة تضم حركة العدل والمساواة والحكومة السودانية. 6 ماي: استأنفت الدوحة جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة لاستكمال تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة وبحث موضوعي الحالة الإنسانية وموضوع تبادل الأسرى بين الجانبين. 18 نوفمبر2009: إطلاق المحادثات الشاملة في دارفور بالدوحة، بإعلان رؤية قطر للتسوية السلمية في الإقليم تقوم على مبادئ الوحدة والمفاوضات والسلام والتنمية، إضافة إلى علاقات حسن الجوار بين البلدين الشقيقين السودان وتشاد. 18 جانفي 2010 افتتاح ورشة العمل الفنية المعنية بسلام دارفور بعد اعلان 4حركات دارفورية مسلحة توحدها في طرابلس واختيارها قيادة موحدة والمجيء إلى الدوحة. يوم 23 فيفري: قمة ثلاثية بالدوحة بين أمير دولة قطر والرئيس السوداني ونظيره التشادي، تشهد توقيع الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة على اتفاق الإطار يلزم الطرفين بوقف إطلاق الناروإنهاء حالة العدائيات في دارفور. 27 جوان إلى 3 جويلية: الدوحة تنجح في حشد قاعدة عريضة من النازحين والمجتمع المدني الدارفوري خلف عملية السلام، بعد اطلاقها اللقاء التشاوري الخاص بنازحي دارفور باعتبار هؤلاء يمثلون الطرف الأكثر تضررا بالحرب الدائرة في الإقليم. 2 جوان 2011: إقرار المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة حول دارفور وثيقة الدوحة كأساس للوصول إلى وقف دائم لإطلاق الناروتسوية سلمية شاملة تضم الجميع وسلام واستقرار مستدامين في دارفور. 15 جوان: قطارسلام دارفور يبحر الى محطته الأخيرة بتقديم مشروع وثيقة الدوحة إلى كل من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية وإلى الأمين العام للأمم المتحدة.