شهدت مدينة سوسة مساء الجمعة عرضا للفنانة شهرزاد هلال في إطار سهرات ليالي رمضان بسوسة. ولئن أقيمت السهرة بقصر الرباط الذي لا يتسع لعدد كبير من الجماهير فإن هذا الأمر لا يقلل في شيء من نجاح هذه السهرة التي أبدعت الفنانة شهرزاد هلال في تأثيث فقراتها. بل لعل نوعية الجمهور الحاضر رغم محدودية عدده كان أحد أسباب تألقها وتميزها في أداء وصلة طربية متكاملة جمعت بين الشرقي والتونسي فالجمهور الذي يتفاعل إيجابيا مع الفنان يدفعه لبذل جهد كبير لإضفاء رونق خاص على السهرة. حملت شهرزاد هلال الجمهور في رحلة موسيقية ممتعة اختارت فيها من بين أجمل ما أدى عباقرة الفن العربي من أم كلثوم وفيروز من أغان خالدة لتنتقل إثرها إلى رصيدها الخاص. لا تخرج شهرزاد هلال عن الطابع التونسي الصميم سواء تعلق الأمر بالمقامات أو الإيقاع أو حتى الكلمات. ولكن ورغم أن هذه الأعمال فيها الكثير من الاجتهاد فإنها لم تكن لتسمح لابراز صوت شهرزاد هلال المتسم بالصفاء والقوة والقدرة على الانتقال بين المقامات بكل يسر وسهولة على خلاف أغاني عمالقة الفن العربي التي عادة ما تبرز حقيقة امكانيات الفنان ونوعية صوته.
أنيس القليبي النجم الثاني بالسهرة
وإذ تألقت الفنانة شهرزاد هلال في السهرة فإن العازفين كان لهم دورهم كذلك في تأمين عرض رائق طرب له الجمهور وابتهج به. لقد مثلت السهرة مناسبة كذلك ليستعرض فيها العازفون المرافقون للفنانة جانبا من قدراتهم وخصوصا عازف الكمان أنيس القليبي الذي كان النجم الثاني لهذا العرض ونال إعجاب الجمهور الحاضر الذي صفق له طويلا اثر السهرة. وتجدر الإشارة إلى أن مهرجان سوسة الدولي الذي يديره الدكتور هشام بن سعيد والذي اندمج هذا العام مع مهرجان المدينة له تقاليد كبيرة في استقطاب الطاقات الفنية التونسية في الوقت الذي كانت تمنح فيه الأولوية للنجوم الشرقية التي عادة لا نقف مطولا عند حجمها ومستواها الفني كلما دعوناها إلى مهرجاناتنا. وإذ كانت الفنانة شهرزاد هلال مافتئت تؤكد أنها قيمة فنية حقيقية فإنها وغيرها من الفنانين التونسيين الذين يتميزون بالموهبة وبالطاقات الكبيرة وبالحضور المتألق تحتاج لدعم كبير يضمن لها المكانة التي تليق بها على المستوى التونسي والعربي. كان سيكون الأمر هينا لو أنها تنحدر من أصول أخرى شرقية مثلا أما وهي تونسية فتلك على ما يبدو حكاية أخرى.