نفذ اساتذة كليتي الحقوق والاقتصاد بالمركب الجامعي بالمنار امس الخميس اضرابا احتجاجيا "جزئيا" بساعتين اعلنوا خلاله استعدادهم للمشاركة في اي تحرك يقع اقراره على المستوى الوطني وطالبوا الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بتفعيل مرصد الحريات الاكاديمي. خلال الوقفة الاحتجاجية التي نادت بالتصدي للتعدي على الحريات الشخصية والحرمة الجسدية وكرامة الاساتذة, التقت "الصباح" سامي العوادي عضو النقابة الاساسية بكليتي الحقوق والاقتصاد الذي افاد ان الاضراب جاء نتيجة ما جرى في عديد المناسبات من ممارسات تعرضت لها طالبات وزميلات (اساتذة) نالت من حرياتهن الشخصية وحرمتهن الجسدية وقد جرت هذه الانتهاكات في عدد من الكليات على غرار جامعة علوم بنزرت وكلية الشريعة واصول الدين وكلية اداب سوسة واخيرا ما حصل بالمدرسة العليا للتجارة بمنوبة.
الانتخابات والظاهرة
وبحثا عن حلول لمعالجة بداية "الظاهرة" اكد العوادي: "الجامعيون وبتأطير من النقابة الوطنية والنقابة الأساسية قرروا تنظيم إضرابات جزئية عن العمل تعبيرا عن رفضهم القطعي المساس من الحريات الشخصية وكرامة الأساتذة كما تعتبر الوقفة تعبيرا عن استيائهم مما آلت إليه الأمور في الجامعة التونسية خاصة إثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وكأن بهذه النتائج قد أطلقت ماردا كان حبيس الخوف وهي تركة النظام البائد وبات اليوم يهدد مبادئ التسامح والتفتح التي انبنت عليها الجامعة التونسية". وذكر العوادي ببعض الممارسات ومن بينها "رفض بعض الطلبة أن تدرسهم أستاذة غير محجبة ويطالب البعض الآخر بتخصيص قاعات للذكور وأخرى للطالبات في المطاعم الجامعية".
تضامن ضد الاعتداءات
وعلى اثر تداول الأحداث التي جدت أخيرا ببعض الأوساط الجامعية أصدرت النقابة الأساسية لكليتي الحقوق والاقتصاد بتونس بيانا صدر بتاريخ 2 نوفمبر الجاري مفاده "التضامن مع الزميلات والطالبات اللاتي تعرضن للاعتداءات والاحتجاج على عدم اتخاذ موقف صارم من طرف سلطة الإشراف". وطالبت النقابة اولا بتكريس مبدإ استقلالية الجامعات المنصوص عليه في قانون الجامعات وثانيا تحميل رئاسة الجامعة والعمداء والمديرين والمجالس العلمية مسؤولياتهم في حماية الحريات الشخصية والأكاديمية للمدرسين ومنع دخول من يحمل زيا لا يسمح بالتواصل البيداغوجي الى المؤسسات الجامعية وقاعات الدرس مع التنصيص على ذلك في النظم الداخلية للمؤسسات. ونص البيان على تحميل الأطراف المعتدية على الحريات الشخصية مسؤولياتهم وتتبعهم تأديبيا وجزائيا أن لزم الأمر.
"الايديولوجيا" والنظم التعليمية
وفي تصريح ل"الصباح" أكد شكري بن عمارة جامعي بكلية العلوم الاقتصادية بتونس المنار أن هناك "هرسلة على ملابس الطالبات والزميلات من الأساتذة وصلت حد الاعتداء اللفظي وقد انطلقت هذه الممارسات منذ بداية السنة الدراسية الجارية وبدأت الظاهرة في التكاثر وباتت أكثر حدة خاصة بعد الإعلان عن نتائج انتخابات 23 أكتوبر. وفسر الجامعي الظاهرة باستبدال الأدوار المبطنة وغير المعلنة وكأن بهذه المجموعات المتبنية لهذه الممارسات ترى أنها باتت أصحاب القرار. وردا على سؤال حول الجهات التي تحرك هذه المجموعات, نفى المتحدث وجود قاعة عمليات تسير هذه التحركات لكن هناك جوا ساهم في خلق هذه الظاهرة وفي ولادة هذه الحركات الإسلامية المتطرفة ولهذا يجب تجنب وقوع أي تدخل في الأوساط الجامعية تحت غطاء ايديولوجيا ما، خاصة على مستوى المحتويات التعليمية والبرامج التربوية التي تبقى حكرا على أهل الاختصاص ولا تتطلب فتاوى. ويرى الجامعي "ان فوز حركة النهضة في انتخابات التاسيسي لا ينفي عنها -كحركة وغيرها من الحركات الاسلامية الاخرى- سعيها احتكار الموروث الحضاري للاسلام والعروبة لتطال هذه الممارسة الجامعة، في محاولة لجرها الى منزلق الهوية التي عوض ان تكون دافعا لتوحيد هذا الشعب، بل يمكن ان تتسبب في حصول انقسام وشرخ داخله".