قبل أن يعلن المجلس الدستوري بالسينغال أمس عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 26 فيفري القادم تحول مئات السينغاليين خاصة المنتمين منهم إلى حركة 23 جوان إلى ساحة الأوباليسك الواقعة في قلب داكار للتعبير عن رفضهم عودة عبدلاي واد ورفعوا شعارات «لا تحاول».. و«ارحل» .. ويرجح المحتجون بل «يجزمون» أن المجلس سيقبل ترشح واد. ويترقب السينغاليون في قلق أن يعقب هذا الاعلان موجة غضب عارمة قد يعيش على وقعها الشارع طيلة الأيام وربما الأشهر القادمة، احتجاجا على إمكانية عودة الرئيس المنتهية ولايته عبدلاي واد لولاية ثالثة تدوم خمس سنوات.. وكانت قد سبقت المظاهرات منذ مساء أمس الأول في أسواق البلدة حالة كبيرة من الاحتقان والاستنفار.. وهربا من المواجهات تغيّب العديد من الموظفين صباح أمس عن مقرات عملهم وغادر بعضهم العمل قبل الموعد وفضل العديد من التجار إغلاق محلاتهم قبل موعد صلاة الجمعة.. وفي حديث مع عدد من متساكني داكار ومتساكني جزيرة لاقوي الواقعة على بعد مسافة قصيرة من العاصمة بينوا أنهم يتوقون الى مستقل سياسي واقتصادي أفضل وهو أمر لا يمكن تحقيقه في ظل الفساد الذي ينخر البلاد.. وفي نفس السياق عبر بعض الاعلاميين السينغاليين قبل إعلان المجلس الدستوري عن قائمة المترشحين المقبولين، عن مخاوفهم مما قد تتعرض له البلاد من فوضى في صورة قبول ترشح واد.. وقالوا انه كان عليه أن يتعظ بالثورات العربية وبالنهايات المخزية لبن علي ومبارك والقذافي الذين تشبثوا بالحكم. وفي هذا السياق قالت الصحفية لالا سيسوري إن السواد الأعظم من الشعب يرفض ترشيح واد لولاية ثالثة وخرق الدستور.. وبينت أن السينغاليين يعيشون ظروفا حياتية صعبة نتيجة ارتفاع الأسعار حيث يبلغ ثمن كيس الأرز نحو 25 أورو وهو ما اضطر الناس إلى تناول وجبة وحيدة بدلا عن ثلاث وجبات.. وإضافة إلى غلاء الأسعار فإنهم يعانون من تردي الخدمات خاصة المتعلقة بالشبكة الكهربائية حيث تتكرر الانقطاعات وكثيرا ما يقضي الناس ثلاثة أو اربعة أيام في الاسبوع دون نور كهربائي.. وبينت أن الأمر لا يقتصر على ذلك بل يتجاوزه إلى بقية الخدمات سواء الربط بشبكة التطهير أو الماء الصالح للشراب او الخدمات الصحية والتربوية.. وللإشارة يمكن لزائر داكار أن يشاهد مظاهر بؤس شديد يدمي القلب في كثير من الأحياء وشوارع العاصمة حيث يتسابق الناس المدقعين لبيع بعض السلع الرخيصة وتراهم يركضون يوميا الكيلومترات على الأقدام تحت أشعة الشمس الحارقة وراء السيارات الفاخرة لجمع قوتهم.. لكن في المقابل يعيش قلة من الناس ثراء فاحشا.. وفي تقييمه للوضع السياسي خلال الأيام القادمة حدثنا صديق وهو خبير بالأمم المتحدة ويدعى ممادو أنديا أنه ينتظر أن تواصل العديد من الأحزاب السياسية المعارضة خلال الأيام القادمة المظاهرات الاحتجاجية في الشوارع، كما ينتظر أيضا أن ينظّم الحزب الحاكم بدوره مظاهرات حاشدة لتأييد ترشح الرئيس عبدلاي واد.. وتحسبا من العنف كانت الحكومة السنغالية قررت منع كل التظاهرات السياسية في البلاد انطلاقا من يوم أول أمس الخميس وإلى غاية الاثنين المقبل عند منتصف الليل. وأصدرت وزارة الداخلية منذ يوم الثلاثاء بيانا نص على حظر المواكب والاستعراضات وتجمعات الأفراد على الطرق العامة في كامل التراب الوطني لأسباب فسرتها بالأمنية. وكانت أعمال عنف جدت هذا الأسبوع في أماكن متفرقة من العاصمة داكار وفسرتها بعض الأوساط بأنها تعبيرا عن رفض ترشح واد.. ومن بين هذه الأعمال التي أثارت الرعب في الشارع الهجوم الذي نفذته مجموعة مجهولة بقنبلة يدوية على حافلة تابعة لشركة دكار ديم ديك.. مما أدى إلى إصابة العديد من الركاب بجروح. ويذكر أن قائمة المرشحين الذين أودعوا ملفاتهم لدى المجلس الدستوري تضمنت العديد من الأسماء أهمها الرئيس المنتهية ولايته عبدالله واد والوزير الأول الأسبق مصطفى نياس زعيم ائتلاف «بينو سيغيل سنغال» وأوسمان تانور ديانغ مرشح ائتلاف «بينو آك تانور» ومصممة الأزياء ديوما ديانغ دياخاتي إلى جانب المطرب العالمي يوسو ندور البالغ من العمر 52 عاما والذي أسال ترشحه الكثير من الحبر وشغل الرأي العام في هذا البلد منذ مطلع السنة الجارية.