أجمع المشاركون في الندوة الفكرية الدولية ،حول صورة المرأة في المنتوج الثقافي الموجه للطفل، التي انتظمت على هامش الدورة 19 لمعرض صفاقس لكتاب الطفل على ضرورة مزيد تحسين صورة المرأة في الأدب الموجه للأطفال وانجاز دراسات علمية وانتروبولوجية، تخص منظومة القيم والسلوكات، والعلاقة الإنسانية والتربوية الراقية، التي تربط بين المرأة والطفل، على اعتبار أن الثقافة الموجهة للطفل هي نتاج للذاكرة الجماعية ولابد أن تعكس صورة مشرقة للأم والأنثى عموما، قصد تهيئة مستقبل الأطفال العلمي والأدبي، والنفسي والاجتماعي والتربوي، وخلق جيل جديد متوازن وواع بمقومات ثقافته الأصيلة. وأكد الباحثون والمختصون في أدب الطفل وثقافة الطفل والذين قدموا من حوالي 15 بلدا عربيا وأوروبيا، انه بات لزاما اليوم، على جميع الحكومات ،والمشرفين على المؤسسات الثقافية، وأصحاب دور النشر والتوزيع، والكتاب والناشرين على أهمية معالجة شخصية المرأة في المنتوج الثقافي الموجه للطفل، بشكل يجعل أدوارها ريادية وأولية ورئيسية ،في العملية التربوية وتجنب الصورة النمطية لها، بجعلها كائنا، رقيقا وضعيفا، يحتاج دائما إلى وجود الرجل مساندا وداعما ومساعدا بالإضافة إلى ضرورة خلق نواة عمل منطلقها مختصون وباحثون وخبراء في شؤون الطفولة التربوية والنفسية منها والاجتماعية والثقافية لرسم خارطة طريق، وميثاق، ومنظومة عمل مشتركة، للرقي بصورة المرأة، في الآداب والفنون الموجهة للطفل.
ازدواجية
وفي هذا السياق، وفي مداخلة علمية، ضمن ندوة « صورة المرأة في الأدب الموجه للطفل» التي تابعت « الصباح» أشغالها ونقاشاتها، بين الدكتور خالد رزق من المغرب، أن صورة الفتاة في المجلات وصحافة الأطفال بالعالم العربي، تؤكد على الدور المحوري للمرأة، في التربية والتثقيف والترفيه للأطفال والناشئة عموما، غير أن الخطاب التعليمي والتربوي، يظل السمة البارزة، لمختلف الفنون والآداب الموجهة للأطفال، دون أن يعكس التحولات العميقة التي تعرفها صورة المرأة - الفتاة - داخل المجتمعات وهي صورة، تعكس نوعا من الازدواجية الفكرية والسلوكية في التعامل مع القيم التقليدية، والغربية المتطورة والمنفتحة والمتحررة. الباحثة والكاتبة المصرية نجلاء علام وفي مداخلة قدمتها حول ذات الموضوع ومن خلال قراءة في قصص يعقوب الشاروني، بينت أن صورة المرأة في الأدب الموجه للطفل، متنوعة ومتعددة ومختلفة، وهو ما ورد في كتابات الشاروني، التي تجاوز عددها 400 كتاب، ظهرت فيها المرأة المصرية والعربية، بطلة أساسية، دون تجاهل أو تهميش لعطاءاتها وأدوارها، ذلك أن المرأة عند يعقوب الشاروني في اغلب قصصه ورواياته، وعند تقديمها للطفل، هي ملكة متوجة، ومشيدة للحضارة ،وهي المرأة الإنسان، بكل صفاته وخصاله البشرية، ويعرضها للطفل العربي، بسلاسة وبراعة، استطاع من خلالها تكوين صورة بالغة الإنسانية.
صورة واقعية
الباحثة المصرية صفية اسماعيل عرفات، قدمت بدورها ورقة عمل حول «صورة المرأة في الأدب الموجه للطفل المصري أنموذجا» أبرزت فيها أن الصورة الذهنية للمرأة، تكونت لدى الأطفال وتشكلت من خلال سمات شخصيتها، والأدوار التي تستطيع القيام بها، والوظائف التي تشغلها، والمكانة التي تحتلها، والقيم التي تؤمن بها وقد ظهرت هذه الصورة في الكتب المدرسية المصرية، من خلال الصور والرسومات، والأساليب والألفاظ المستعملة، داعية بالمناسبة إلى ضرورة أن تكون الصورة أكثر واقعية، وحقيقية، تعكس ما تبذله من جهود ، وما تملكه من سمات شخصية وإنسانية راقية. أما الدكتورة نجلاء نصير بشور- من لبنان فقد ذكرت ضمن مداخلة بعنوان « أدب الأطفال العرب والمرأة : بداية تغيير « انه لما كان أدب الأطفال، يعبر عن واقع المجتمع، وطموحاته، فان صورة المرأة اليوم، تعبر عن مجتمع في مرحلة انتقالية، ومضاتها تشكل وتعبر عن طموحات تسعى إلى الوصول إليها، كما يسعى المثقفون العرب إلى التوجيه نحوها، من أجل تقدم المجتمع العربي وتحرره، حيث لا يتم ذلك إلا بجميع أبنائه.