تونس الصباح : «لن تكون لنا قوات عسكرية دائمة في افريقيا ولن نخرق سيادة الدول ولن نتدخل الا اذا تمت دعوتنا» واذا كان حجم المساعدات الامريكية لافريقيا بلغ في 2007 تسعة مليار دولا فان 250 مليون فقط خصصت لمجال التعاون العسكري... هذه خلاصة تصريحات السفيرة ماري كارلين ياتيس نائب قائد النشاطات المدنية العسكرية بوزراة الدفاع الامريكية خلال الفيديو كونفيرنس التي انتظمت امس بمقر السفارة الامريكية بمشاركة عدد من الصحافيين المحليين في محاولة لتحديد مهمة واهداف قيادة «افريكوم» وهي اختصار لعبارة africa command وهي تصريحات حاولت السفيرة الامريكية من البداية ان ترد من خلالها على المخاوف والانتقادات الموجهة لمثل هذا الحضور العسكري الذي بدات معالمه تتضح اكثر فاكثر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر والحملة المعلنة على الارهاب لتشير من خلال تلك الارقام ان العمل الانساني والبرامج التقليدية في افريقيا تبقى الهدف من «افريكوم». وقد اوضحت السفيرة في مقدمتها بان الفيديو الكونفيرنس التي انتظمت امس انطلاقا من العاصمة الفرنسية باريس هي العاشرة في سلسلة ندوات مباشرة عبر الفيديو مع الاعلاميين في مختلف الدول الافريقية من المغرب الى اوغندا وغيرها في محاولة للتوضيح والرد على كل المواقف الرافضة ل«افريكوم» وشددت السفيرة الامريكية على ان الامر لا يتعلق بمشروع او برنامج جديد بل بعملية روتينية واعادة تنظيم العمل في الادارة الامريكية وتوحيد القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا مضيفة ان ما يروج بشان عسكرة السياسة الخارجية الامريكية امر سيتكرر في مثل هذه السنة الانتخابية. وكشفت بان الاعلان عن انشاء قيادة عسكرية جديدة للقارة الافريقية الذي تم في نوفمبر سيكتمل بحلول اكتوبر 2008 وان هذه القيادة ستدار انطلاقا من القاعدة العسكرية الامريكية في مدينة شتوتغارت الالمانية حتى اشعار اخر وهو ما لا ينفي امكانية انتقالها الى بلد افريقي حيث اوضحت السفيرة الامريكية ان اتصالات تجري مع اثني عشر بلدا افريقيا بشان مقر هذه القيادة الجديدة معتبرة ان الكشف عن هذه الدول من مشمولات الدول المعنية. وفي معرض ردودها على الصحافيين قالت السفيرة الامريكية ان مسؤولية القارة الافريقية كانت موزعة على ثلاث قيادات حيث كانت القيادة الوسطى تشرف على كل من مصر والسودان وايريتريا واثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا في حين تشرف القيادة الاوروبية على بقية الدول الافريقية وتتولى قيادة المحيط الهندي الاشراف على مدغشقر وجزر سيشال والمنطقة الافريقية المطلة على المحيط الهندي. وستشرف «افريكوم» على القارة الافريقية باستثناء مصر، الى ذلك شددت المسؤولة الامريكية على ان مهمة «افريكوم» ستركز على التعاون الامني بين بلادها والدول الافريقية والقيام بتدريبات مشتركة وفرض بيئة مستقرة في القارة و الاستمرار في مهام تقديم المساعدات الانسانية والاغاثة الطبية والغذائية للمناطق التي تعاني من النزاعات فضلا عن المساعدة في تنمية القدرات العسكرية للدول الافريقية من خلال التدريب والتاهيل والعمل مع المنظمات غيرالحكومية ومنظمة الاتحاد الافريقي. ولئن لم تنكر المسؤولة الامريكية اهمية النفط في المصالح الامريكية فانها شددت على ان الدول المنتجة للنفط تتلقى مقابلا لذلك وان عائداتها تصرف لفائدة شعوبها واعتبرت ان بلادها ليست في حالة تنافس مع العملاق الصيني الذي يجتاح افريقيا وان التعاون مع الصين في القارة السمراء ليس بالامر المرفوض عندما تكون الاهداف واحدة... القضايا المرتبطة بظاهرة الارهاب كما بتجارة البشر والمخدرات والجريمة المنظمة والمصالح النفطية عناوين تضاف الى العناوين المرتبطة بالتعاون بين القارة السمراء وامريكا والامن والاستقرار التي حاولت السفيرة الامريكية اعتمادها لتوضيح مهمة «افريكوم» الجديدة التي لا تزال غير واضحة في كثير من الاذهان والتي تاتي لتؤكد الاهتمام المتفاقم بالقارة الافريقية التي طالما ظلت مرتبطة بالمستعمر الاوروبي السابق الذي كان ولا يزال المستفيد الاكبر من ثرواتها البشرية والطبيعية قبل ان تكتشف الصين الاهمية الاستراتيجية لافريقيا وتقرر امريكا تعزيز موقعها في هذا القارة التي تجاهلتها طويلا والتي ارتبطت في احيان كثيرة بالتجربة الفاشلة في الصومال والانسحاب الامريكي المهين للقوات الامريكية هناك. «افريكوم» فكرة تعود الى التسعينات وقد اقرها وزير الدفاع الاسبق رونالد رامسفيلد قبل استقالته فافريقيا التي تمثل 35 بالمائة من مساحة العالم وتحتضن ربع سكانه ومن المرتقب توفر 25 في المائة من احتياجات امريكا للنفط في 2015 تزداد اهمية بالنسبة للمسؤولين الامريكيين... وحتى الان فقد بلغت تكاليف «افريكوم» خمسين مليون دولار وقد حددت ميزانيتها للسنة القادمة ب75 مليون دولار وقد نفت المسؤولة الامريكية رغبة بلادها في بناء قاعدة عسكرية في افريقيا على غرار ما يوجد في اوروبا واسيا او الخليج وتوجد القاعدة الامريكية الوحيدة في القارة الافريقية في جيبوتي او مخيم لوموني فيما توجد بعثات عسكرية متعددة، اما عن احتمالات تدخل «افريكوم» في دارفور او في الازمة الكينية او غيرها من الازمات في افريقيا فهو ما لم يتسن للمسؤولة توضيحه في اطار مهمة «افريكوم».. يذكر انه تم قبل ايام تعيين الجنرال ويليام وورد ذو الجذور الافريقية لقيادة «افريكوم»...