من غرائب هذا الزمان، وتناقضات الماسكين بمقاليد الأمور في هذه البلاد، أن جماعة «النهضة» و«مواليهم»، الذين بعد أن وصل بهم الأمر الى وصف الاعلاميين ب«طم طميمهم، ودون أي تفريق ب«البنفسجيين» و«المسبوعين» نسبة الى 7 نوفمبر مروا الى السخرية والتنكيت، واصفين كل من هب ودب من الإعلاميين ب«التجمعيين»، وقد حدث ذلك خلال جلسة استماع في المجلس التأسيسي الى نقيبة الصحفيين!! ولكل هؤلاء نوجه جملة من الأسئلة البريئة تغني عن كل الأسئلة الأخرى، وتفضح كل النوايا المستترة وراء ضمير أو دونه اذا كنتم خائفين حقا كل هذا الخوف من «النوفمبريين» و«البنفسجيين»، فلماذا أعدتم رجال «عبد الوهاب عبد الله» الى الواجهة واستنجدتم بهم بعد تكوين حكومتكم لتسيير وسائل الإعلام العمومي؟ وهل شاهدتم في الشرق والغرب والهند والسند، بل وهل وصلكم من غابر الأزمان مثال واحد عن «ثورة» و«ثوريين» استعانوا في خضم المخاض الثوري ب«رجال» العهد الذين ثاروا عليه وأزاحوه من الحكم. وهل سمعتم حتى في «الخرافات» عن مدير جريدة حزب حاكم ثار عليه الشعب بأكمله وأرسل أي الحزب بقرار قضائي/ شعبي الى مزبلة التاريخ يتحول بين عشية وضحاها بقدرة قادر من «رجل التحول المبارك» الى رجل الثورة والتغيير، وإعادة «البنفسجيين» الى الواجهة عبر تنصيبهم بكثافة على رأس مؤسسات عمومية لم يصاحبه الى اليوم أي تفسير وأي تبرير، رغم الاستياء الذي أثاره الأمر لدى أهل القطاع، وردود الفعل المستنكرة المستهجنة التي صدرت عنهم. إننا «نظريا» نعيش اليوم في نظام ديمقراطي، وأضعف الإيمان أن «يفسر الحكم» لل«محكوم» خلفيات قراراته، خصوصا تلك التي تبدو معقدة على فهم عامة الناس بل حتى خاصّتهم، وهو ما لم يقع في الحالة التي بين أيدينا، وهذا ما لا يحدث إلا في تونس.. فقبل 14 جانفي كان هناك اعلان سياحي يستقبل السائح منذ ردهة المطار يقول «ابتسم فأنت في تونس»، وعلينا أن نعوضه اليوم بشعار «اضحك.. ملء شدقيك فأنت في تونس الثورة».