من نتائج أبحاث العلماء والمفكرين أنهم اتفقوا أن الانسان الذي استطاع أن يعرف ذاته بذاته، هو قادر على اصلاح اعوجاجها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (أخرجه مالك عن أبي هريرة). كما أفادنا خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام في حديث رواه البخاري عن ابن عمر «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم». ومن أقوال الفلاسفة والمفكرين أفادنا أفلاطون أن «الانتصار على الذات هو أعظم الانتصارات» وأعلمنا أرسطو أن «تضحية الذات هي شرط الفضيلة» وجاء في المثل الصيني «معرفة الآخر علم ومعرفة الانسان ذاته وذكاءه»، أما المثل الألماني فأفادنا بقوله «ينبغي للمرء أن يكون سيد نفسه لكي يكون سيد العالم». وعلى هذا الأساس يقول مونتاين: «قم بعملك واعرف نفسك»، ويضيف قوته: «إنه لخطأ كبير أن يحسب المرء نفسه أكثر مما هو وأقل مما تساوي قيمته»، إلا أن المثل الانقليزي يعسر الأمر بقوله «أصعب ما على الانسان معرفة نفسه»، بينما المثل اللاتيني يوصي «عليك أن تعيش للغير إن أردت أن تعيش لنفسك» للتغلب على العسر. وها هو توماس فول ينبهنا «العين ترى كل شيء ولا ترى ذاتها». اذا إن كان الرأي يقدم منظومة اصلاحية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقواعد علمية سليمة نافعة، فنعم الرأي وأصوبه، أما اذا كان الرأي يحمل في باطنه الحسد أو الحقد أو المكر أو الخداع أو النميمة أو الغيبة أو الفتنة أو النفاق أو الغدر أو الافتراء أو الظلم أو الجرم أو الاحتيال أو الرذيلة أو الفاحشة أو الشر، فلا جدوى منه، فالرأي القائم على الخير والاحسان والنفع والفضيلة والعلم الصحيح النافع، هو مقبول ومحمود، أما الرأي القائم على الشر والأذى والضرر والرذيلة والعلم غير النافع، فهو مرفوض ومذموم ولن يكون الانسان قدوة سيد العالم إلا اذا كان من عباد الله الصالحين، الذين يؤثرون غيرهم على أنفسهم ويسابقون في الخيرات.