أعلن رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي خلال الندوة الدولية التي انعقدت منتصف شهر فيفري الماضي عن سعي الحكومة إلى إحداث الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد لتحلّ مكان لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد التي ترأسها المرحوم عبد الفتاح عمر. وبعد مرور أكثر من 7 أشهر على حلّ تلك اللجنة، لم يحسم في التركيبة النهائية للهيئة الجديدة رغم أنه تمّ تعيين رئيس لها. فلماذا لم يقع إلى اليوم الإعلان عن تركيبتها؟ سؤال أجاب عنه سمير العنابي رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد. صرحّ صلاح الدين الزحاف رئيس هيئة الإصلاح الإداري ومقاومة الفساد في المجلس التأسيسي خلال حوار نشر بجريدة «الصباح الأسبوعي» منذ ثلاثة أسابيع تقريبا بأنّ عدم الإعلان عن تشكيلة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عطلّ الكشف عن ملفات الفساد، قائلا: «لقد أثرّ ذلك سلبا في عملنا فلجنة مكافحة الفساد نظرت في عدد كبير من الملفات وأحالت حوالي 10% منها إلى القضاء، ومنذ حلّها تعطلّت أعمالنا». استنكار.. واقتراح من جهتها، أعربت جليلة بللونة كاتب عام جمعية الشفافية المالية عن استغرابها من عدم سماح الحكومة لأعضاء لجنة عبد الفتاح عمر بمواصلة عملهم في ظلّ عدم الحسم في تركيبة الهيئة، قائلة: «صحيح أنّ رئيس اللجنة فارق الحياة لكنّ أعضاءها باقون، فقد بذلوا مجهودا كبيرا والتقرير الذي أصدروه يعكس ذلك». وأمام استنكارها عدم الإبقاء على أعضاء لجنة عبد الفتاح عمر لاستكمال مهمتهم، تساءلت محدثتنا عن أسباب عدم الحسم في تركيبة الهيئة، ويشار في هذا الصدد إلى جملة الانتقادات التي تمّ تداولها والتي مفادها أنّ عدم الإعلان عن التركيبة النهائية للهيئة يهدف إلى التستر على بعض ملفات الفساد، ولم تستبعد السيدة بللونة في هذا الإطار وجود جملة من المقايضات. وردا على هذه الانتقادات، قال سمير العنابي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ل»الصباح الأسبوعي»: « توجد جملة من التجاذبات الداخلية التي حالت دون الإعلان عن تركيبة الهيئة النهائية». وردا على سؤالنا حول هذه التجاذبات، أشار محدّثنا إلى تهربّ العديد من الترشح إلى عضوية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قائلا: «ناهيك عن التهرب لا يوجد اتفاق بين أعضاء كل هيكل في الشخصية التي يمكن أن تمثلهم في الهيئة». كما انتقد في نفس الصدد لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد الممثلة في المجلس التأسيسي، قائلا: «لا يوجد صلب هذه اللجنة اتفاق بين أعضائها وهم متردّدون في تعيين من ينوبهم في الهيئة، وهو ما ساهم في تعطل مباشرة مهامنا». 3 أسماء ترشحت لعضوية الهيئة مورطة في الفساد وبالإضافة إلى التجاذبات حول التعيين، أشار رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سمير العنابي إلى الوقت الذي يتطلبه البحث في تاريخ الشخصيات المتطوعة، قائلا: «من بين جملة الترشحات التي وصلتنا، تبين وجود 3 أشخاص متورطين في الفساد، فكيف نقبل بهؤلاء أعضاء في الهيئة التي تعنى بمقاومة الفساد، فنحن لسنا غطاءا لأحد، لذلك وجب علينا الحذر والتثبت». من جهتها، دعت جليلة بللونة الحكومة إلى التساؤل عن الأسباب التي تقف وراء تهرب الأشخاص من الترشح لعضوية الهيئة، قائلة: «لماذا ترشح العديد للعمل بصفة تطوعية في لجنة المرحوم عبد الفتاح عمر رغم أنّ الظروف لم تكن مستقرة حينها، لا بدّ على الحكومة أن تجد إجابة على هذا السؤال لأنّ الأمر محيّر؟». واعتبر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أنّ وجود عدّة هياكل تعنى بملف الفساد ساهم في تعطيل الحسم في ملفات الفساد مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة وجود هيكل يختص في التنسيق بين مختلف هذه الهياكل قصد تيسير عمل الهيئة. هي جملة من الأسباب ذكرها رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سمير العنابي الذي حملّ مسؤولية التأخير في تعيين بقية الأعضاء إلى الهياكل الممثلة في الهيئة. وإذا كان السبب الذي ذكره السيد العنابي صحيحا، متى تحسم هذه الهياكل في ترشيح ممثل عنها لتصفية ملفات الفساد التي وصل عددها إلى 14 ألف ملف منها ما تمّ حفظه ومنها ما تمّ تمريره للقضاء. وعن عدد الملفات التي تمّ حفظها، أفادنا العنابي أنه لم يقع تحديد عدد الملفات المحفوظة إلى اليوم.