هو صاحب مشروع فكري وفني يتجلى في أعماله الدرامية والسينمائية منذ البدايات الأولى.. شوقي الماجري ببصمته الخاصة شكل منعرجا في المشهد الدرامي العربي مع "أبناء الرشيد" و"هدوء نسبي" و"الاجتياح"، المتوج بجائزة إيمي العالمية لأفضل إنتاج أجنبي وغيرها من المسلسلات العربية.. اليوم يعود المخرج التونسي بشريطه السينمائي "مملكة النمل" هذا المشروع، الذي حمله لسنوات بين دفاتر أحلامه المهنية بسبب حواجز التمويل وطرحه السينمائي. "مملكة النمل"، الذي رفض من برمجة مهرجان كان السينمائي بتعلة قسوة مشاهده حظي في عروضه العربية بدعم جماهيري كبير في كل من لبنان والأردن وتونس وغيرها من الدول العربية.. وعن هذا المولود السينمائي ومشاريعه المستقبلية وموقفه من المشهد الثقافي الراهن بتونس وغيرها من المسائل الفنية كان "للصباح" لقاء مع المخرج التونسي شوقي الماجري في الورقة التالية: * مر شريط "مملكة النمل" بالكثير من الصعوبات قبل أن يرى النور.. هل تعتقد أن الجانب السياسي سيظل عاملا سلبيا في تسويق الشريط؟ - حين قررت انجاز الفيلم لم أفكر في الجانب التسويقي والحضور في المهرجانات بقدر اهتمامي بتقديم رؤية جمالية وفكرية جادة تحترم المشاهد وذكاءه وتدعوه للتفكير وهذا مبدئي في كل الأعمال التي أنفذها وبالنسبة لترويج الفيلم فالعمل تعرض لكثير من الصعوبات على مستوى التمويل من منطلق أنه يطرح قضية حساسة سياسيا وهي فلسطين.. وهو ما سبب الإحباط والإرهاق النفسي لي ولشركائي في المشروع على امتداد سنوات ولعّل ردود الفعل الايجابية التي شعرنا بها خلال عرضه في أكثر من بلد عربي قادرة على إنصاف الفيلم جماهيريا. *مدة الفيلم التي تجاوزت الساعتين كانت محل انتقاد من قبل بعض المختصين في النقد السينمائي خاصة وأن الموضوع المطروح يمثل وجعا للمشاهد العربي؟ - شخصيا لا أقيس أعمالي بطول أو قصر مدّتها الزمنية و"مملكة النمل" ليس عملا تجاريا هو مقترح فكري جمالي عاش معي لسنوات وبالتالي لا يمكنني الاستغناء عن أحد أجزائه من منطلق أنني فنان تهمني الفكرة قبل اللعبة التسويقية.. هذا الفيلم جزء من حياتي وقطعة منها أمّا الحالة الفلسطينية التي يطرحها فمن الطبيعي أن تكون مؤلمة لنا جميعا ومع ذلك لم تكن القسوة غايتي في مشاهد فيلمي بقدر محاولتي استدراج فكر المشاهد نحو الحالة الفلسطينية التي صارت مجرد خبر على شاشات بعض التلفزيونات. *لماذا خيرت الاعتماد على ممثلين أردنيين في أدوار بطولة "مملكة النمل"، رغم أن هناك أسماء عربية أكثر شهرة وبالتالي أكثر تأثيرا من الجانب الترويجي للشريط؟ - الممثلون الذين جسدوا شخصيات "مملكة النمل" هم شركاء في المشروع والمواقف وهم الأقرب للوجع الفلسطيني والأقدر على إتقان اللهجة والأهم أن حضورهم تكفله حرفيتهم ومستوى آدائهم العالي المشهود لهم به في أكثر من عمل فني إَضافة لذلك يشارك في "مملكة النمل" الفنانة التونسية صباح بوزويتة والممثل السوري عابد فهد على سبيل الذكر وشخصيا أؤمن بالعمل مع المجموعة الفنية نفسها وطاقمي التقني يضم فنيين من مختلف الجنسيات العربية وهذا يساعد على إنجاح العمل وإنهائه في مدة زمنية أقل. قدمت العديد من الأعمال التاريخية ومع ذلك لم تتطرق في هذه المسلسلات التلفزيونية لرموز الإسلام على غرار الصحابة فهل تخشى أن تثير الجدل من خلالها على غرار مسلسل عمر لهذا الموسم؟ - صحيح أن مسلسل "عمر" أثار ضجة إعلامية لموضوعه وشد الجدل الذي رافقه انتباه المشاهدين العرب إلا أن هذه المشاريع الفنية لا تغريني فكريا بانجازها فبالنسبة لي العمل الفني إن كان تاريخيا أو سيرة ذاتية أو غيرها من الأنماط يجب أن يكون معاصرا في طرحه بمعنى أنها تعكس هموم ومشاغل المواطن العربي اليوم. *هل توافقنا الرأي في أن جديدك التلفزيوني"نابليون والمحروسة" لم ينصف جماهيريا في الزخم الدرامي الرمضاني لهذا الموسم؟ - مسألة العرض الرمضاني هي منافسة بين المنتجين والموزعين ولا تعنينني كصاحب مشروع فني ومع ذلك أقر بأن العديد من الأعمال الدرامية الهادفة تظلم في البرمجة الرمضانية ولا تنال حظها إلا خارج هذا الشهر الكريم أمّا مسلسل "نابليون والمحروسة" فأعتبره حقق المطلوب وحظي بمشاهدة جيدة من قبل المصريين خصوصا وأن العمل لا يتحدث عن الحملة الفرنسية وقائدها فحسب وإنمّا على المصريين في مرحلة تاريخية فاصلة في بلادهم والوطن العربي عموما ولا أدري لماذا لم تعرضه القنوات التونسية؟ * يرفض عدد من المبدعين في المجال الفني تجسيد أعمال عن الثورات أو ما يسمى ب"الربيع العربي" فهل تنتمي لهذه الخانة من الفنانيين؟ - التغيير مازال مستمرا في عدد من الدول العربية وهذه التطورات لم تتخذ بعد طريقا واضحا وإيجابيا خصوصا وأن منعرجات خطيرة تبرز من حين لآخر لذلك أعتقد أنه علينا أخذ مسافة من الحدث حتى يكون نقله دراميا مستقبلا يحمل سمات المصداقية فيما اعتبر التسجيلات التوثيقية التي جسدت الثورات منذ انطلاقها في تونس ثروة فنية نحتاجها لدعم أعمالنا الدرامية والسينمائية عن هذا التغيير في وطننا العربي والذي أصفه بالايجابي. *إثر الثورة التونسية حدثت عديد الانتهاكات المناهضة لحرية التعبير والابداع بالنسبة للنخبة فهل تعتقد أنها مجرد ممارسات فردية أم أن التهديد أعمق؟ - أرفض من ناحيتي مناقشة فرضية هناك حرية إبداع أم لا بالنسبة لي المسألة محسومة وعلى المبدع تقديم الأعمال التي تعبر عن أفكاره دون قيود وحواجز ما يحدث في تونس في خصوص بعض التجاوزات لا يلغي حق الفنان في حريته وهي مجرد محاولات فاشلة للتدجين. * بعد خروج "مملكة النمل"للنور هل سيكون لشوقي الماجري مشاريع سينمائية أخرى في القريب خصوصا وأنك سينمائي بالأساس وهل للأعمال التونسية نصيب في خياراتك القادمة؟ - نعم أعتبر "مملكة النمل" كان حاجزا معنويا بيني وبين مشاريع سينمائية أخرى بمعنى أن هذا المشروع كان هاجسا بالنسبة لي ولم أشعر برغبة في تنفيذ أعمال سينمائية طويلة أخرى قبل تحقيق هذا الحلم الفني واليوم أنا بصدد مراجعة عديد الاقتراحات منها عمل تونسي سيكون من أولوياتي إذ توفرت الإمكانيات المالية في القريب مع الصديق نجيب عياد وغيرهم من الفاعلين في الوسط الفني التونسي من منتجين.. الفكرة موجودة كل ما نحتاج له هو الدعم المّادي.