ما من شك في أن عملية إغلاق العديد من المؤسسات الانتاجية في تونس ما بعد الثورة ظاهرة سلبية ولها العديد من الانعكاسات على الاقتصاد الوطني خاصة في ظل تواصل هذه الأحداث وتواترها مما أثر على الجانب الاجتماعي وخلق حالة من التوتر والقلق وعدم الاطمئنان لدى المجتمع.. مؤسسات تم غلقها وعددها لا يحصى ولا يعد في جل المناطق التونسية نذكر على سبيل المثال معمل الغاز بقابس وعددا من المعامل في ولاية منوبة فضلا عن معمل ليوني لصنع الكابل والذي أغلق نهائيا بعد أن كان يشغل حوالي 600 عامل الخ.. "الصباح" اتصلت بعز الدين مصباح (خبير اقتصادي ورئيس الجمعية التونسية للنهوض بالاقتصاد الإسلامي) ليبين لنا رأيه في تواصل هذه الأحداث التي أدت إلى تفاقم ظاهرة البطالة وتسببت في عجز كبير في الانتاج، مع تقديم فرضيات للنهوض باقتصادنا وتفادي تلك المشاكل.. بين عزالدين مصباح في مستهل حديثه أنه لا يمكن أن يختلف اثنان في أن عملية إغلاق المؤسسات الانتاجية لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني حيث شهدت سنة 2011 إغلاق 172 مؤسسة أجنبية وتونسية أبوابها مما أدى إلى خسارة حوالي 9 آلاف موطن شغل وخسارة مادية تقدر ب2.5 مليار دينار."كما أن هذه الظاهرة وحسب مصادر وكالة النهوض بالصناعة والتجديد تقلصت خلال الثلاثي الأول من سنة2012 حيث بلغت 41 مؤسسة منها 30مؤسسة أجنبية و10 تونسية أجنبية.والملفت للانتباه أن هذه المؤسسات تقريبا هي مصدرة كليا للمنتوجات بحكم طابع المناولة الذي تتميز به مما أثر على مستوى الصادرات التي شهدت تراجعا ب9بالمائة وساهمت في زيادة العجز التجاري". الأسباب لهذه الظاهرة أرجعها الخبير الاقتصادي إلى أسباب خارجية تتمثل في الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت سلبا على الطلب العالمي وثانيا في أسباب داخلية تتمثل في سيكولوجيا المجتمع التونسي التي أصبح عليها نتيجة عدة عوامل اقتصادية متمثلة في العبء الثقيل الذي لا يزال يتحمله المواطن من جراء ارتفاع كلفة المعيشة وهبوط الطاقة الشرائية والبطالة الخ.."وحيث تبدو هذه الظاهرة في عد تنازلي كما بينت الإحصائيات فهي ليست خطيرة خصوصا إذا اعتبرنا المعدل السنوي العادي لإغلاق المؤسسات حوالي 50مؤسسة سنويا لأسباب اقتصادية كما أن عدد المؤسسسات التي تفوق حجمها 10عمال فما فوق يقارب 5700 وبالتالي فنسبة الإغلاق 3بالمائة تصبح شبه حالية".لكن في المقابل يرى عزالدين مصباح أن خطورة هذه التظاهرة تكمن في تأثيرها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي من حيث الاستهلاك العام والاستثمار ذلك أن "وزارة الصناعة بينت أن الاستثمارات زادت بنسق ايجابي ب14.8بالمائة خلال9 أشهر الاولى من سنة2012 مقارنة بمثيلتها سنة2011 خصوصا في الصناعات الغذائية التي ارتفعت بنسبة 81.1بالمائة.. دور الحكومة أشار عزالدين مصباح إلى أنه "حول تقييم عمل الحكومة يتوجب علينا الإحاطة بكل الظروف الداخلية والخارجية المصاحبة لجهاز الحكومة نفسها حيث تبدو تركيبة الحكومة خليطا من التوجهات السياسية ذات المرجعيات المختلفة فقد ألغت على ما يبدو الحكومة الوازع الايديولوجي ولم ترجع إلى مبادئها الأساسية مثل الاشتراكية للتكتل والإسلامية للنهضة والتحلل من أية مرجعية للمؤتمر، لذلك جاءت القرارات الاقتصادية والاجتماعية في شكل حزمة عشوائية بدون أية روابط فيما بين الآليات والقرارات التي طرحت في نقاط متعددة ومختلفة تبدو متضاربة الميكانيزمات في أغلب الأحيان حيث نلاحظ وبكل أسف صراعا خفيا بين مؤسستي الحكم وهما مؤسسة الحكومة ومؤسسة الرئاسة بخصوص القرارات في هذا الشأن...يبدو أن الرئاسة سيطرت على السياسة النقدية من خلال البنك المركزي وعمدت إلى إدارة النقد في البلاد.." مصارحة الشعب أما عن الحلول والإجراءات التي يجب اتخاذها حسب محدثنا فتكمن في "مصارحة الشعب بالوضع الحقيقي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني وبيان الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إعاقة التقدم في إنجاز البرامج والمشاريع المبرمجة سنة2012..وإظهار حسن النية لما تم تقديمه أثناء الحملات الانتخابية وذلك بتسريع المشاريع المبرمجة لسنة2012 وتسطير السياسات القصيرة المدى وأخذ القرارات المناسبة التي من شأنها أن تخفف الأعباء المتأتية من جراء التغيرات في الظرف الاقتصادي الوطني والعالمي..إضافة إلى بيان كفاءة جهاز الحكومة غلى أخذ القرارات المناسبة تجاه تنشيط الدورة الاقتصادية في الجهات الداخلية للبلاد مثلا تبني الدولة لمشلريع انتاجية وإنجازها ثم طرحها ثم طرحها داخل البورصة وتمويلها من طرف الخواص في شكل أسهم حيث يطمئن المستثمر بوجود الدولة إلى جانبه ..كما يمكن الإسراع بإعادة النظر في قوانين مجلة الاستثمار ومجلة الشغل والمجلة الجبائية التي مثلت عائقا لمدة طويلة أمام تحقيق التنمية.."