مازال ملف التنمية يراوح مكانه منذ أن تم الإعلان عن ميزانية الحكومة التكميلية للسنة الجارية. ولعل الأرقام التي تقدمها الحكومة بين الحين والآخر حول تقدم انجاز المشاريع في الجهات لا تعكس ولو في جزء منها متطلبات المرحلة واستحقاقات الجهات وسكانها، وهو ما زاد الأمر صعوبة وتعقيدا وما أجج جملة التحركات في عديد الجهات التي تطالعنا في كل يوم. وهذه الصعوبات التي تبرز في مجال التنمية ودفع الاقتصاد تعود لأسباب عدة من بينها التكتم عن فتح ملفات رجال الأعمال ومحاسبة بعضهم بشكل علني، وتجميد نشاط العديد منهم ضمن إجراءات منعهم من السفر، وأيضا تعطل المشاريع التنموية الخاصة والعمومية في الجهات تحت غطاء الصعوبات التي تعترضها، وكذلك وعلى وجه الخصوص غياب مخططات حول دفع التنمية من شأنها أن تمثل خطا واضحا لتمشي التنمية. ونعتقد أن هذه الصعوبات تعود في عمقها للضبابية في توجه الحكومة الاقتصادي الذي غاب عنه رصد الحاجيات التي تتطلبها المرحلة، وأيضا النظرة التي تحدد الأولويات في هذا المجال باعتبارها إجابة عن استحقاقات الجهات لإصلاحات عاجلة ولتتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية والمقدرة الشرائية المتدهورة التي تميز بها وضع كافة الفئات الاجتماعية. والأغرب من كل هذا ما تطالعنا به الحكومة في مجال السياسة الاقتصادية، حيث أنها تركز على ملفات ذات بعد استراتيجي مثل مشروع "غاز الشيست" بالقيروان، وتنسى الاستحقاقات العاجلة، وهو جانب يبرز الضبابية في الاختيارات، ويؤكد على أن حكومتنا نسيت بأنها مؤقته وليس من حقها طرح هذه القضايا الاقتصادية الاستراتيجية التي تمتد مشاريعها لمئات الأعوام علاوة على تعقيدها وأخطارها وما يجري حولها من ملابسات وأخطار لا يحق لأي طرف الآن أخذ قرارات بشأنها. إن توضيح المسار الاقتصادي وتنقية أجوائه مهمة أساسية في سياسة الحكومة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ترك هذا الجانب دون تخطيط وتمش واضحين لأن في ذلك طمأنة للجميع من تونسيين ومستثمرين وطنيين وأجانب، حفاظا من الانزلاقات التي لا يمكن تجنبها بسهولة.