بخلاف ما سواه من التصريحات التي يطلقها هذه الأيام بعض منسوبي أحزاب «الجعجعة» السياسية حول مسألة التحوير الوزاري «المرتقب» والتي يدور أغلبها حول «رفضهم المطلق للدخول إلى «الحكومة الجديدة» التي ستنبثق عن هذا التحوير فإن تصريح السيد محمد عبّو الأمين العام «لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية» لإذاعة «شمس آف آم» الذي قال فيه أن حزبه سينسحب من «الترويكا» في حال عدم الاستجابة لمقترحاته بخصوص بعض المسائل المتعلقة بإدارة الشأن العام (سياسيا وأمنيا وإداريا).. يبدو جديرا بالاهتمام لسببين على الأقل: الأول لأن محمد عبّو المناضل والسياسي لا هو سمير بالطيب مثلا ولا إياد الدهماني ولا جوهر بن مبارك.. تماما مثلما أن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» لا يشبه في شيء لا من حيث السمعة ولا الإشعاع حزب «المسار الديمقراطي» أو غيره من أحزاب «الصفر فاصل» !!! والثاني وهو الأهم ربما لأن المناضل محمد عبّو ومنذ أن كان يقاوم ديكتاتورية وفساد نظام المجرم بن علي لم يكن يصدر في مواقفه إلا عن روح وطنية راقية لا تشوبها شائبة التحزب الضيق.. لذلك ربما فإنه عندما يقول اليوم يجب أن يستمع لقوله... وما من شك أن هذا المناضل الوطني إنما يعي جيدا ما يقول عندما يعلن أيضا وفي نفس التصريح لإذاعة «شمس اف آم» أن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي هو أمينه العام «لن يشارك بعض الأطراف في حالة الإرباك التي يدعون إليها والتي تستهدف عمل وزارة الداخلية»... والواقع أن أي متابع لابد له وهو يستحضر اليوم شراسة تلك الهجمة الإعلامية التي استهدفت وزارة الداخلية على امتداد الأسابيع القليلة الماضية والتي حاول من خلالها سياسيون وإعلاميون ونواب معارضة في المجلس الوطني التأسيسي الدفع بوزير الداخلية إلى الاستقالة إلا أن يستشعر من جديد مدى نفاسة المعدن السياسي لهذا المناضل والسياسي الشاب والصّلب.. إن وجوها سياسية شابة من أمثال محمد عبّو وسمير ديلو وسليم بن حميدان ومحمد الحامدي هي التي تجعل المرء يتفاءل في الواقع ويطمئن على الثورة ومسارها الإصلاحي اليوم خاصة إذا ما استحضر بالمقابل «تزليطات» بعض السياسيين من المخضرمين و»الشيوخ» !!! أجل،،، فقد استمع الرأي العام الوطني مثلا على امتداد الأشهر الماضية إلى كمّ وافر من أشكال السباب السياسي والعنف اللفظي والتحريض المريب يجري على ألسنة بعض حتى من كان يظنهم «حكماء» و»عقلاء» و»شيوخ» من رموز الطبقة السياسية (ألم يدعي الأستاذ احمد نجيب الشابي مثلا أن قاعة العمليات في وزارة الداخلية مستباحة من قبل بعض نشطاء حزب حركة «النهضة» وأنهم يتدخلون في وضع الخطط وإدارة الشأن الأمني !!!) لا نريد ان نسترسل أكثر من في ذكر مناقب محمد عبّو وأمثاله من المناضلين الشبان الذين برهنوا سواء وهم في موقع المسؤولية أو في المعارضة عن حسّ وطني رفيع ووعي سياسي حاد بطبيعة المرحلة (متطلبات ومحاذير) وإنما نريد فقط أن نهنئ المجموعة الوطنية ونهنئ الثورة التونسية بأبنائها هؤلاء الذين هم من صلبها..