انجاز طبي باهر ذلك الذي توصل إلى تحقيقه معهد باستور بتونس بالتعاون الوثيق مع معهد باستور بباريس وفريق بحثي أمريكي، يتعلق بوضع مرهم موضعي من المضاد الحيوي يضمن معدلات شفاء مرتفعة ونسبة دنيا من الآثار الجانبية عند استخدامه في علاج المرضى المصابين بداء اللشمانيات الجلدي وهو مرض طفيلي يسبب آفات مشوهة. ويصيب هذا الداء مليون ونصف شخص سنويا في العالم فيما تسجل تونس 10 آلاف إصابة جديدة كل سنة. وينتشر أساسا في صفوف الأطفال. هذا الإنجاز العلمي والطبي الباهر تعرضت له بالنشر والإصدار أبرز المجلات الطبية في العالم - NEW ENGLAND JOURNAL OF MEDICINE بعرضها في عددها الصادر يوم 7 فيفري نتائج الدراسة المنجزة في إطار شراكة بحثية دولية بين كل من معهد باستور تونس ومعهد باستور باريس وفريق بحثي أمريكي. وقد تعهد المعهد الوطني بإنجاز المرحلة الثالثة من الدراسة السريرية بإخضاع 375 مريضا للتجربة بالتعاون مع بقية الفريق البحثي. ويتركب الكريم الجلدي من مزيج من مضادين حيويين مكنت تجربته من معاينة شفاء الآفات الأولية بنسبة 81 بالمائة من المرضى الذين شاركوا في التجربة السريرية. وتمّ تحديد معايير الشفاء من المرض على أساس ما يسجل من انكماش الآفة وعودة نمو الجلد الطبيعي وعدم حدوث انتكاس. وبالنسبة للآثار السلبية فإنها لم تتتجاوز الحدود المعتدلة وكانت خفيفة تمّ توصيفها كتفاعلات ثانوية بسيطة في موضع الاستعمال. ووفق ملخص الدراسة المضمنة بالمجلة العلمية الشهيرة في مجال اختصاصها فإن ميزة النتائج المتوصل إليها تكمن في سهولة التعاطي مع هذا العلاج الذي يختلف عن المستحضرات العلاجية المتداولة والتي تحتوي على معادن ثقيلة سامة لا بدّ من الدقة والحذر في استعمالها بالخضوع لدورة علاج على مدى 20 يوما بمركز طبي يتم تعاطيها عن طريق الوريد أو حقنها مباشرة في الآفة. ونظرا لقسوة هذا العلاج وارتفاع كلفته فإن العديد من المرضى في العالم النامي يلجؤون إلى العلاجات المنزلية مثل الكي مع ما يخلفه من انعكاسات وآثار على موقع الإصابة. وخلصت الدراسة إلى أن المرهم محور الدراسة الحديثة يمكن أن يشكل الخيار العلاجي الاول الذي يستطيع المريض استعماله بمفرده. ويضمن الدواء علاجات بسيطة وغير سامة لدى مستعمليه. فهل تكون معاناة المرضى في التعاطي العلاجي مع هذا المرض قد شارفت على النهاية؟ هذا ما يأمله الجميع لدخول مرحلة تصنيع الدواء بعد استيفاء كل الترتيبات الإجرائية لتسويقه خاصة أن نشر هذه الدراسة تعني اعترافا وموافقة ضمنية لقيمة النتائج المتوصل إليها. وهي أيضا لبنة جديدة في سلسلة نجاحات معهد باستور تونس الذي تعد كفاءاته العلمية مفخرة للجميع وقد تؤهله يوما ما للترشح بامتياز لجائزة نوبل للطب.