منذ تسلمه مهامه على رأس وزارة الداخلية في 14 مارس الفارط اكد السيد لطفي بن جدّو أن اولوية الاولويات بالنسبة لمختلف هياكل الوزارة إعادة الأمن والطمأنينة في صفوف التونسيين، وقال "إن نشر الطمأنينة والأمن في نفوس التونسيين يحظى بالأولوية المطلقة في برنامج عمل الوزارة خلال الأشهر القليلة التي تفصل التونسيين عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة". قرار وزير الداخلية الجديد (وهو الذي اختير لحياديته وكفاءته واستقلاليته) القيام بحركة نقل وتعيينات شملت عديد الادارات الحيوية والاستراتيجية التابعة لوزارة الداخلية حمل معه اشارات ورسائل ايجابية في اتجاه اصلاح المؤسسة الامنية من جهة وتساؤلات عن اسباب القيام بها في هذا الوقت بالذات خاصة وان الوزير الجديد حديث العهد بالوزارة.. من جهة اخرى وفق ما صرّح به هذا الاخير في تصريح بث على صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرا بأن "وزير الداخلية لا بدّ ان يستمر في منصبه لسنوات حتى يفهم عمل هذه الوزارة". تجدر الاشارة ان وزارة الداخلية أعلنت في بلاغ أصدرته أن وزير الداخلية لطفي بن جدو قرر إجراء حركة نقل جديدة وشملت حركة التعيينات كلا من الإدارة العامة للأمن الوطني والإدارة العامة للمصالح المشتركة، والتفقدية العامة للأمن الوطني والمدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي. كما اتخذ وزير الداخلية الجديد منذ تسلمه لمهامه عدة قرارات منها تغيير عدد من المسؤولين من الإطارات السامية والضباط ورؤساء الفرق والمناطق الأمنية فضلا عن إجراء تغييرات بمطار تونسقرطاج شملت كل من رئيس المحافظة ورئيس فرقة حماية الطائرات ورئيس فرقة الإجراءات الحدودية ورئيس فرقة الإرشاد بالاضافة الى تعيين محمد علي العروي مكلفا بمأمورية رئيس لمكتب الإعلام والاتصال بالديوان والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية عوضا عن خالد طروش الذي تم تعيينه مكلّفا بمأمورية رئيس لمكتب التنظيم وطرق العمل بالديوان، بعد ان كان محل جدل من الاوساط الحقوقية واحزاب المعارضة في الفترة الاخيرة. ويبقى السؤال المطروح بعد قرابة شهر على استلامه مقاليد وزارة الداخلية، هل تكون التعيينات والتحويرات الاخيرة في الوزارة بداية لمراجعة أمنية شاملة؟ مراجعة أمنية؟ في قراءة حول التعيينات وحركة النقل في وزارة الداخلية قال فيصل الشريف المحلل الامني والعسكري ان التحويرات والتعيينات التي شملت الادارات العامة والاقاليم والمناطق في الشرطة والحرس تاتي في اطار مراجعة امنية شاملة بعد سلسلة الاحداث التي شهدتها بلادنا على غرار احداث السفارة الامريكية ووفاة لطفي نقض واغتيال المناضل شكري بلعيد وغيرها من احداث العنف والشغب في مختلف ولايات الجمهورية. مؤشر إيجابي.. كما اعتبر الشريف ان التغييرات في مستوى المسؤوليات الأمنية تعتبر مؤشرا ايجابيا وتنمّ عن ارادة صادقة للتغيير في اتجاه اعادة هيكلة وزارة الداخلية واجهزتها الامنية وتجسيدا لرؤية تحييد وزارة الداخلية وتأسيسا للأمن الجمهوري على اعتبار ان التعيينات السابقة التي تمت في عهد وزير الداخلية السابق لم يتمّ نشرها وشكلت مصدر احتجاج مكونات المجتمع المدني والاحزاب السياسية. واوضح ان التعيينات وحركة النقل في الادارات الحيوية والاستراتيجية للوزارة لا بدّ ان يكون هدفها اعادة الامن والطمأنينة وحماية التونسيين من العنف المتنامي، مؤكدا على ضرورة ارتباط القول بالفعل وأن يتجلى ذلك في تنفيذ برامج مدروسة وهادفة تساهم في اعادة ثقة التونسيين بالامن واعادة هيبة الدولة. المهم في البرامج.. ليس الأشخاص ومن جهته أكد شكري حمادة الناطق الرسمي باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي على ضرروة أن تخضع التعيينات على رأس مختلف الادارات التابعة لوزارة الداخلية "الى مقاييس وتكون قائمة على أساس الكفاءة وليس على اساس الولاءات وهذا مطلب من مطالب النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي"، حسب تأكيده. واعتبر ان التعيينات الاخيرة في وزارة الداخلية "لا يمكن ان تكون مقياسا للحكم على أداء الوزير الجديد باعتبار انه تسلم مهامه في مدّة زمنية وجيزة"، مشيرا الى ان النقابة تتعامل مع برامج الوزارة وليس مع الاشخاص وسلطة الاشراف مطالبة بوضع برامج عملية لمقاومة كل مظاهر العنف التي تشهدها بلادنا فضلا عن "تفعيل المطالب المشروعة التي تدعو اليها مختلف النقابات الامنية وخاصة المتعلقة بحماية عون الامن وضمان الحق النقابي".