تونس الصباح: مخاوف لم يستطع الكثير من المسؤولين الحكوميين إخفاءها خلال عدد من الاجتماعات والندوات التي أقيمت مؤخرا بالبلاد وهي تتعلق بالامتحان الصعب الذي تواجهه منظومة التكوين المهني في تونس.. فهم يخشون من عجز هذه المنظومة على توفير الخبرات الضرورية واليد العاملة الكفأة لانجاز المشاريع الكبرى المزمع بعثها على غرار: سماء دبي ومدينة الورد والمدينة الرياضية وغيرها من المشاريع الأخرى التي لا تقل أهمية..وهم يتخوفون خاصة من لجوء أصحاب تلك المشاريع إلى استيراد يد عاملة أجنبية.. ولاشك أن هذه المخاوف في محلها فانجاز مثل هذه المشاريع الضخمة يتطلب استعدادات كبيرة.. وتوفير يد عاملة مختصة في عدة قطاعات.. وقد أكد جميعهم على أن المرحلة القادمة ستكون صعبة بلا منازع وهو ما يستدعي تحسيس الشبان المنقطعين عن الدراسة وخاصة العاطلين عن العمل بأن الملاذ سيكون في التكوين المهني وفي مراكزه المفتوحة لهم لتمكينهم من المهارات اللازمة التي يتطلبها سوق الشغل في اختصاصات ذات أهمية قصوى.. وهي البناء والأشغال العمومية وسياقة معدات الحضائر والخشب واللحام والتركيب المعدني والكهرباء والإلكترونيك ذات الصلة بالبناء.. ولكن هل سيقبل الشبان على مثل هذه الاختصاصات وهل سيستهويه البناء بعد أن كاد يهجره فقد شهدت السنوات الماضية تسجيل نقص فادح في الطلب على هذا الاختصاص حتى أن أحد المدربين أفاد أنه بات يخشى على مورد رزقه نظرا لأن عدد الشبان الذين يدربهم يتقلص من سنة إلى أخرى.. ثم هل ستساهم الحوافز التي توفرها منظومة التكوين المهني لفائدة رواد مراكز التكوين المهني في استقطابهم في الاختصاصات التي تم تصنيفها في قائمة "الاختصاصات ذات الأولوية".. وفي هذا الإطار تمت الإشارة خلال اجتماع أقيم بولاية تونس أن هذه الاختصاصات تم ضبطها وتحديدها بالتنسيق مع الجامعات المهنية والمقاولات الكبرى وأن هذه العملية انتهت بمراجعة الاختصاصات التي كانت موجودة سابقا وإحداث اختصاصات جديدة ومراجعة مدة التكوين في عديد الاختصاصات من مستوى شهادة الكفاءة المهنية وهي تلك التي تنتمي إلى مجالات البناء والأشغال العمومية والخشب والأثاث واللحام والتركيب المعدني وسياقة معدات الحضائر والكهرباء والالكترونيك والسياحة.. وتتراوح مدة التكوين حسب الاختصاص من ستة إلى تسعة أشهر عند التكوين في المركز ومن سنة إلى ثلاث سنوات عند التدريب المهني. ويجدر التذكير بأن هناك مستويات مختلفة للتكوين المهني فالشاب الذي له مستوى أقل من السنة التاسعة أساسي فيمكنه التكوين في مستوى شهادة المهارة ومن أنهى الدراسة بالتاسعة أساسي على الأقل فيمكنه التكوين في مستوى شهادة الكفاءة المهنية ومن أنهى الدراسة بالثانية ثانوي على الأقل أو شهادة الكفاءة المهنية فيمكنه التكوين في مستوى مؤهل التقني المهني. أما للحائز على شهادة الباكالوريا على الأقل فيمكنه التكوين في مستوى مؤهل التقني السامي. حوافز لحث الشباب على متابعة تكوين مهني في الاختصاصات ذات الأولوية تقرر تكثيف عمليات الإعلام بمختلف الحوافز المتاحة للمتكونين في هذه الاختصاصات.. فبالإضافة إلى أنها وحسب ما يؤكده المهتمون بقطاع التكوين المهني اختصاصات تبشر بمواطن شغل مضمونة مستقبلا نظرا لكثرة الطلبات عليها فإن متابعها يتمتع بمجانية الترسيم ومجانية الأكل ومجانية المبيت ومجانية زي التكوين كما يتمتع باشتراكات مدرسية كلما توفرت شركة نقل عمومي بين مكان إقامة المتكون ومركز التكوين أو المؤسسة الاقتصادية المحتضنة مع إسناد منحة مالية لأبناء العائلات ضعيفة الدخل.. وفي هذا الإطار تم إعداد مشروعي قرارين لضبط مقدار المنحة وشروط إسنادها وقائمة الاختصاصات المعنية بهما وهما في آخر مراحل المصادقة. كما توجد حوافز لفائدة المؤسسات الاقتصادية ففي مجال التكوين الأساسي فإن المؤسسات الخاضعة للأداء على التكوين المهني يمكنها استرجاع خمسين بالمائة من الأجر الأدنى المضمون في الشهر عن كل مرتب ومائة بالمائة من الأجر الأدنى المضمون في الشهر على كل متكون بالتداول.. أما في ما يتعلق بالتكوين المستمر فإن المؤسسات غير الخاضعة للأداء على التكوين المهني فيمكنها الانتفاع بآلية البرنامج الوطني للتكوين المستمر والمؤسسات الخاضعة للتكوين المهني يمكنها الانتفاع بآلية العائدات من الأداء على التكوين المهني. وينتظر أن يساهم التعريف بهذه الحوافز في تشجع الشبان على متابعة مثل هذه الاختصاصات على غرار البناء مثلا الذي نجد فيه عدة اختصاصات فرعية ( بناء، حدائدي، نجار قوالب خرسانة، عون في أشغال العزل ضد تسرب المياه، دهان في البناء، مركب ونحات جبس، رئيس حضيرة بناء، تقني مساح في قيس الأراضي، متار مراقب بناء، رسام مصمم في البناءات، مسير أشغال بناء..) والكهرباء التقنية ونجد فيه (كهربائي ميكانيكي، مركب أسلاك كهربائية، مركب أنظمة السلامة بالبناءات، مركب في كهرباء البناء، تقني في صيانة المصاعد، تقني في صيانة تجهيزات المطبخ والتنظيف، تقني في تركيب المعدات الكهربائية والإلكترونية، وكهربائي مصلح أنظمة السلامة بالبنايات، ورئيس فريق في تركيب الشبكات الكهرائية للبناءات)..