اذا ما أحصينا اعداد المهرجانات في بلادنا فانها حتما ستتجاوز عدد ايام السنة بكثير.. هذه الحقيقة الحلوة التي نفتخر بها تخلّف طعم المرارة اذا علمنا ان عددا من هذه المهرجانات لم يبعث الاّ لغاية تمعّش باعثيها منها. قد نستثني جانبا من المهرجانات الدولية المهيكلة ومثلها الجهوية التي تأتي لتثمين منتج تتميّز به الجهة وتدخل حركيّة ثقافية وتجارية على المنطقة والمهرجانات الصيفية على ما بها من هنات لكن ذلك لا يمنعنا من الوقوف عند اصناف اخرى من المهرجانات التي تبعث نظريا بغاية دعم الحركية السياحية لكنّها لا تقدم لها شيئا يذكر. واذا ما عددنا مثل هذه المهرجانات وبحثنا عن اثر لها في نشريات متعهدي الرحلات فاننا لا نجد لها اثرا يذكر.. واذا ما دققنا النظر في مكاتب الديوان الوطني للسياحة بالخارج فيصعب ان نجد لها معلقة اما اذا طلبت اصحابها قبل شهر من موعد المهرجان للحصول على برنامج مفصّل فانهم عادة ما يجيبونك انهم بصدد وضع اللمسات الاخيرة التي قد تتواصل الى ليلة انطلاق المهرجان. وبما ان باعثي هذه المهرجانات لهم باع في التنشيط فانهم عادة ما «يسخّنون البندير» بالاعتماد على مختصين في الترويج الدعائي من اصحاب الوكالات المختصة أو ممن لهم باع في العلاقات الصحفية أو من بعض الاعلاميين الذين يشتغلون ضمن مكاتب الاعلام لهذه المهرجانات فيخلقون ضجّة اعلامية تترجم الى مقالات صحفية واخبار اذاعية وتلفزية تمنح للمهرجان الشرعية التي يفتقدها بافتقاده للقاعدة الجماهيرية التي من اجلها بعث نظريا. اما مربط الفرس فهو الدعم.. اذ كيف سيكون بامكان هؤلاء الباعثين الحصول على الدعم اللاّزم لتغطية كل المصاريف.. فهم من هذا المنطلق يحرّكون ماكينة العلاقات ويعزفون على وتر الجهويات ويذرفون دموع من «فرضت عليهم الدولة ان يكونوا متخلفين عن الركب» وهم يريدون الالتحاق به ويتعللون بغاية انعاش الحركية السياحية بالجهة التي «يَبكِي حالها الحجر».. وهلم جرا الى ان يجروا دواوين ومؤسسات الدولة وشركاتها الى الدفع.. فتتحول بذلك الى ابقار حلوب تمنحهم دعما مدرارا فتقسّم الكعكة على الجميع وكل «قدير وقدرو». ان هذا السيناريو المتكرر سنويا لم يجد من يضع له حدّا لانه اذا فعل فلن يقدر على الصمود طويلا حتى ولو كان أعتى الوزراء.. لكن اعتقادي انه كان بالامكان وضع شروط مسبّقة للدعم اهمها ضبط برنامج المهرجان وتسويقه قبل اعداد متعهدي الرحلات نشرياتهم الخاصة بتلك الفترة من السنة وتقديم عروض خاصة بالاتفاق مع اصحاب الفنادق وتشمل الاقامة والفرجة والنقل من والى مكان اقامة المهرجان.. ونشر جميع هذه المعطيات في تلك النشريّات فبهذه الطريقة فقط ينشط التدفق السياحي وتجسّم المهرجانات الاهداف التي بعثت من اجلها اما ان نقيم عرسا لغير اهله ونرسل الفواتير لاهله فذاك ما لا يقبله العقل ولا المنطق. حافظ الغريبي