لئن مرّ أسبوع على انطلاق "اعتصام الرحيل" الذي دعت له الجبهة الوطنية للإنقاذ بصفاقس عقب اغتيال الشهيد محمد البراهمي المنسّق العام للتيارالشعبي والقيادي بالجبهة الشعبية بهدف حل المجلس الوطني التأسيسي وكل الهيئات المنبثقة عنه من حكومة ورئاسة وتشكيل حكومة انقاذ وطني تتولى إدارة المرحلة الإنتقالية إلى حين صياغة دستور ديمقراطي وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة وشفافة وفق المعايير الدولية إلى جانب حل كل التنظيمات شبه العسكرية من أمن مواز وما يسمّى ب"رابطات حماية الثورة"، فإنّ صفاقس لم تشهد في الجهة المقابلة دعوات للنزول إلى الساحات لدعم ما يوصف بالشرعية باستثناء الصلاة التي تمّت الدعوة لها ليلة 30جويلية بجامع اللخمي في مساندة من منظّميها "لشرعية مؤسّسات الدولة وتنديدا منهم بالعملية الإنقلابية التي لا تزال تحاك" على حدّ وصفهم التقاطعات ممكنة ميدانيا.. ليس سياسيا بغضّ النظرعلى الشكل الذي اتخذته جبهة الإنقاذ من حيث الاهداف المرسومة فإنّ جمعها من مكوّنات المجتمع المدني والسياسي جعل عديد الأطراف المنتمية إلى اليسار لاسيما منها مكوّنات الجبهة الشعبية تطرح أكثر من سؤال بتواجدها جنبا إلى جنب مع أطراف سياسية أخرى ربّما تتقاطع معها ميدانيا ولكنّها لا تحمل نفس المشروع الذي أسّست له الجبهة الشعبية منذ 7أكتوبر بترسيخها لكيان سياسي جامع من أجل استكمال مهام الثورة إضافة إلى اشعاعها السريع وكسبها لمصداقية شريحة واسعة من المجتمع ضدّ الليبرالية سواء كانت بغطاء ديني أم بغطاء حداثي وهو ما جلب لها مصداقية عديد الاطراف على خلاف من لايزال يرتبط بحكومة بن علي وبصندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي وبتأسيس جبهة الإنقاذ صحيح انّ الجبهة الشعبية هي التي كانت المبادرة ككيان سياسي لكن يبدو وأنّه هناك أطراف تسعى إلى تمييع الصراع القائم بحكم أنّه لا يمكن لها أن تمضي في ما يصفه اليسار "بالمسألة الوطنية" بوضوح وخاصة في علاقة بالبيان التأسيسي الذي أهمل بشكل أو بآخر الجانب الإجتماعي والإقتصادي باعتبارأنّ الجبهة الشعبية تطرح الخيارات الديمقراطية والشعبية والإجتماعية لكن بالنسبة لجبهة الإنقاذ تطرح مسألة سياسية واحدة متمثّلة في حل التأسيسي وإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة انقاذ وطني وهو ما يخلق نوعا من اللبس والإشكال في آن واحد بحكم عدم تخلّص جماهير الشعب من الماضي الغير بعيد في علاقة ببن علي وحكومة مارست القمع والإستبداد على امتداد عقدين من الزمن ولعلّ من بين الأطراف اليسارية التي ترى ضرورة اقتصار مسألة علاقة الجبهة في بعث هيئة للتنسيق الميداني فقط "الحزب الوطني الإشتراكي الثوري" المعروف بتسمية الوطد الذي يرى بأنّ المؤامرات تستهدف الجبهة الشعبية وستسعى عديد الأطراف إلى تمييعها لكن لا يستثني دعوة المواطنين الإلتحاق بالإعتصام القائم والمحافظة على مقترح هيئة للمهام العملية باعتبار أنّ المواطنين يمكن أن يتواجدوا في إطارحراك شعبي لكن ليس بداخل تركيبة سياسية من شأنها ان تخلق اشكاليات ليست الجبهة الشعبية في حاجة إليها لا يخفى وأنّ الجبهة الشعبية منذ مدة دعت إلى تشكيل حكومة انقاذ على ضوء الأزمة التي تمر بها البلاد على أساس أن تكون حكومة مصغّرة ذات كفاءات ومتطوّعة وعلى اثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي توجّهت الجبهة الشعبية إلى تفعيل مبادرتها السياسية التي رسمت فيها ملامح العمل المشترك بدعوتها إلى كل القوى السياسية والمدنية المعادية للإرهاب وتوسيع أرضية الجبهة إلى تشكيل ائتلاف مدني من أجل انهاء الفترة الإنتقالية وتشكيل كذلك جبهة للإنقاذ واضحة الاهداف السياسية وفق ما جاء في بيان جبهة الإنقاذ الوطني التي تعتبر الحل السياسي ضدّ الإغتيالات والإرهاب لقطع الطريق أمام عودة الدكتاتورية