بقلم : محفوظ البلدي* ان حقيقة الأهداف وسموّها لا تدرك بصدق النوايا وحسب وإنما بحكمة التفكير والتدبير والتقدير والتوكّل وسرعة الانجاز، لذلك انتقدنا «إخواننا» في كل الأوقات، انتقدناهم سرّا أيّام المحن حتّى لا نعين عليم الظَّلَمَة وتحمّلنا الكثير بسبب تعنتهم وإصرارهم على أخطاء سياساتهم وعدم إدراكهم للحكمة والتَّبَصُّرِ، وانتقدناهم أيّام «الربيع» وازهار حرّية أينعت في غير وقتها وباعها «التجّار» بضاعة مغشوشة. بالنسبة إليّ لم أثق يوما في قدرة «زعمائنا» التجّارلا في إجاز مشروعنا الحضاري ولا في حمايتهم له ولا في حماية أنفسهم من تبعات التلكؤ والتقصير وضياع الذِّهْنِ ...والضَّمير‼ لم أغفل عن «دقة المرحلة وحساسيّة المواقف وخصوصيّة الظرف وواقعه الإقليمي والدّولي وتعقيدات الإدارة وتشابك المصالح والاعتبارات الفوقية والتحتيّة وصعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وترابط المسارات والمصائر...في ظلّ ضعف الأداء وقلّة الخبرة ...ومزيد الحيرة والبهتة» ولكن غياب العقول وارتهان بعضها لدى تجّار الشعارات والأوهام مقابل أكياس «الديمقراطية» المغشوشة، يجعلني أحْيِي الخشية من جديد على بلد لم يذق بَعْدُ طَعْمَ الحرية ومعنى الكرامة وقيمة العدل. بالنسبة إليّ لم يتغير الشيء الكثير ولكنّي أشعر أن الصّدمة ستكون مؤلمة للكثيرين من أبناء الوطن سواء ممن راهن على الشّيوعيين او الاسلاميين او العلمانيين على حدّ سواء، مع تعري المواقف والممارسة الفعلية للسلطة من خلال الحكم او المراقبة. انها جريمة ترتكب في حق هذا الشعب من «مثقفين» ادعوا الدفاع عن مُكْتَسَبَاتٍ لَمْ يُنَاضِلُ من أجْلِهَا ولم يُسْهِمُ في جَلْبِهَا، بل نَصَّبُوا أنفسهم أوْصِيَاءَ عليهَا دون حقّ ولا إذن من صاحب الحقّ‼ المصيبة انهم اقنعوا انفسهم – هؤلاء «المثقفون»- وَصَدَّقُوا ان الشعب فَوَّضَهُمْ وَسَلَّمَ أمْرَهُ لهم ومَنَحَهُم صَكًّا على بياض، فهم يتصرّفون كَصَفْوَةِ العالمين... فما انتم بِنَاقَةِ صَالِحٍ...وما الشَّعْبُ بِقَوْمِهِ. يا من تراهنون على ذاكرة التونسيّين وان كان بها عطب، لا تذنبوا مرّتين، ستطوي الأيام بالنسيان مواقفكم وأطماعكم...وصوركم، ثمَّ تحاسبون. لا تزرعوا مزيد اليأس والإحباط، فيصبح الحصاد غدا كله ألغاما، ألغاما تريق الدماء...وتصنع الايتام. فيا معشر»المثقفين» من معارضين وحكّام، واجهوا ضمائركم واستحوا على انفسكم...ارْحَمُوا هَذَا الشّعْبَ ودَعُوهُ يَعش بسَّلام.