أغلقت حركة النهضة باب المزايدة السياسية في علاقتها بحكومة هشام مشيشي بعد أن تبنت خيار الدعم والمساندة والدفع برئيس الحكومة لتفعيل التحوير الوزاري لتجنيب البلاد مزيدا من الوقت المهدور بعد أزمة حاصلة بين رأسي السلطة التنفيذية. ويأتي الموقف اثر اجتماع مجلس شورى حركة النهضة في دورته 49 يومي السبت والأحد الماضي عبر تقنية التواصل عن بعد، وبحضور أعضاء المكتب التنفيذي للحركة وأعضاء الكتلة البرلمانية وأعضاء المكتب السياسي ورؤساء مجالس الشورى الجهوية والكتاب العامين للجهات والخارج وقد خصصت لمناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية والصحية التي تشهدها بلادنا والحلول الممكنة لتجاوزها. وجاء موقف شورى النهضة لينفي ما راج من اخبار داخل كواليس السياسة حول امكانية تخلي الحركة عن مشيشي وذلك لفتح الطريق امام تفاوض محتمل بين الحزب ورئيس الجمهورية بعد ان اصر الاخير على الاطاحة بحاكم القصبة كشرط اساسي للحوار وانهاء الازمة السياسية مقابل التراجع عن سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي. ولم تتوقف النهضة عند حدود الدعم بل شكلت منطلقا لاستقطاب مزيد من الكتل والنواب لتقوية الحزام السياسي والحكومي بما يضمن استمراريتها وعملها بأريحية مطلقة،وذلك عكس ما تم تداوله بين احزاب المعارضة من ان الحزام الحكومي بات مهددا اثر جملة الاحداث التي عرفها قلب تونس في الآونةالأخيرة. واكد بلاغ امس على "دعم كامل للحكومة وتقوية الحزام السياسي والبرلماني وتعزيزه بما يحقق الاستقرار ونجاعة العمل الحكومي والاستجابة لتحديات المرحلة." ولم يكن رئيس الجمهورية قيس سعيد بعيدا عن نقاشات شورى النهضة حيث كان الرئيس حاضرا بالغياب سيما وان جزءا من المجتمعين حملوه مسؤلياته السياسية واتهموه بتعطيل العمل الحكومي بعد رفضه قبول وزراء الحكومة الجدد لأداء اليمين الدستوري رغم التفويض البرلماني الحاصل بعد التصويت لهم ومنحهم ثقة يوم 26جانفي الماضي . واعتبر الشورى ان ما اقدم عليه الرئيس من رفض لأداء اليمين اضر بأداء الحكومة وعطل مصالح الدولة في ظل وضع سياسي حاد وازمة صحية مقلقة واقتصاد منهار . وقال البلاغ في هذا السياق "إن تعطيل رئيس الدولة للتحوير الوزاري أضر كثيرا بالأداء الحكومي وعطّل مصالح ودواليب الدولة ولذلك يدعو كلا من رئيس الدولة ورئيس الحكومة الى اتخاذ الخطوات المناسبة لإنهاء أزمة التحوير الوزاري التي طالت وفاقمت الأضرار على عديد المستويات". وترجم اجتماع شورى النهضة تخوفات قطاع واسع من المجتمع بعد سعي الرئيس الى مسك زمام الامور انطلاقا من قراءته الاحادية للدستور ومحاولته الجمع بين القوات المسلحة العسكرية والامنية بيد واحدة رغم تفصيل الدستور وفصوله لمهام واختصاص القوات والجهات المشرفة على كل منها. وقد خلق موقف سعيد ردود افعال متباينة بيد أن اغلبها خلص الى رفض التمشي الجديد للرئيس بما هو انقضاض على السلطة ومدخل للاستبداد وهو ما اتفق فيه شورى النهضة مع بقية القراءات ليعبر عن موقفه بالزام الرئيس "بتجنب كل ما من شأنه تقسيم التونسيين أو اعتماد تأويلات فردية للدستور تعطّل مصالح الدولة والمجتمع واعتبار الوضع الصحي والاقتصادي على رأس سلم أولويات الدولة وتجنب كل ما من شأنه تقسيم التونسيين أو اعتماد تأويلات فردية للدستور تعطّل مصالح الدولة والمجتمع." كما ثمّن مجلس شورى سلسلة اللقاءات السياسية والتشاوريّة التي جمعت الحركة مع عدد من الأحزاب والكتل البرلمانية ومنظمات وجمعيات وطنية وذلك للبحث عن مخارج للأزمة السياسيّة التي تشلّ البلاد وتعيق تقدمها، ويوصي بمواصلة هذه المشاورات والانخراط في كل المبادرات السياسيّة "الجادّة التي من شأنها دعم استقرار البلاد وحماية مؤسسات الدولة وإطلاقالإصلاحات الضروريّة". وخلص اجتماع الدورة 49 لشورى النهضة إلى أن الآلية الوحيدة لحلّ الأزمة السياسية هي الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات في اطار دستور البلاد وقوانينها، ويثمن بالمناسبة دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل لحوار وطني جامع."