كانت مسيرة التي شهدتها تونس اليوم موعدا مزدوجا بين الاحتفال وتأبين ضحايا العملية الارهابية في متحف باردو. ففي الوقت الذي كانا ننتظر تأبينا لضحايا وشهداء العملية الارهابي، ضرب "مجاهدو" الحرس الوطني بقوة وأطاحوا بالرأس المدبر للعملية الارهابية لقمان أبو صخر قائد كتيبة عقبة بن نافع الارهابية في عملية نوعية واستخبارية في منطقة سيدي عيش من ولاية قفصة. المسيرة الدولية لمناهضة الارهاب كانت من حيث نسبة مشاركتها ضخمة بحضور شعبي يعد بعشرات الالاف التي امتدت إلى ساحة باردو قادمة من ساحة باب سعدون، اذ تناقل الشارع الرابط بين النقطين أكثر من 20 ألف متظاهر. ورغم أن المسيرة الشعبية التي انتهى بها المطاف في ساحة باردو إلا أن مسيرة الشخصيات والوفود ونواب مجلس نواب الشعب وممثلي منظمات المجتمع الدولي وممثلي البعثات الدبلوماسية في تونس كانت قصيرة جدا بدأت من أمام الباب المقابل لساحة باردو لتنتهي عند أول باب مؤد له بحيث لم تتجاوز مسافتها ال 200 متر، شابتها عديد الاخلالات التنظيمية جراء الحضور المكثف للأمن بكل أشكاله بين أمن رئاسي وعمومي وأمن أجنبي مرافق للشخصيات الدولية مما حجب الرؤية عن الصحافيين وحال دون التقاط صور واضحة ومما تسبب في ضغط كبير حتى على ضيوف تونس وممثلي الدول خاصة وتدافع تضررت منه تلك الشخصيات، وهذا ما يدخل في باب سوء التنظيم . رغم تعلل المنظمون بأن الحضور الكثيف للأمن يأتي لضرورات أمنية قصوى. سوء هذا التنظيم لحق أيضا بروتوكلات تنظيم تسليم الورود في بهو المتحف الوطني، ففي الوقت الذي قام فيه الرئيس الباجي قائد السبسي بوضع باقة ورود في هذا البهو وأمام النصب التذكاري لضحايا المجزرة، ومن ثم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، غابت باقات الورود لبقية الرؤساء وقيادات الوفود وكانت تتناقل فوق الرؤوس الشيء الذي جعلها تحضر متأخرة . حدث آخر يسجل في خانة سوء تنظيم هذه المسيرة الشعبية وهي أنها بدأت منذ العاشرة ونصف صباحا ووصلت طلائعها إلى باردو حوالي الساعة 11 اي قبل ساعة ونصف من موعدها المحدد. ورغم هذه الهنات في تنظيم المسيرة إلا أن مسيرة بمثل هذه الضخامة تعتبر الأولى من نوعها في تونس وتعتبر الكثافة في المشاركة فيها دليلا على أن الراي العام في تونس ملتصق بالهموم التي تمس وطنه، وخاصة فيما يتعلق في مقاومة ثقافة الموت وحبه لثقافة الحياة ونبذ العنف الذي تتميز به تونس.