ودعنا سنة واستقبلنا اخرى وبعد ايام قليلة سنحيي مجددا ذكرى خامسة لثورة لا يزال السواد الاعظم من الشعب في انتظار تحقيق اهدافها . ثورة حررت الافواه فعبّرت كما شاءت متى شاءت واينما شاءت ، ثورة منحت حريات عدة وأخطرها حرية تجاوز القانون دون رقيب وسلبت حقوقا انتفض الناس من اجلها وابسطها الحق في ملئ البطون وأهمها الحق في التشغيل وفي التنمية وفي التوزيع العادل للثروة الوطنية . فرغم ما حققه نظام الحكم وموديل التنمية السابقين من نمو للبلاد فقد قامت بسببهما الثورة لانهما شرّعا للفساد وفشلا في استيعاب مئات الالاف من العاطلين وتكممت بالتوازي الافواه وبلغ الخوف من العقاب أشده الى ان انقلب الى ضده وبسرعة البرق أطلق عقال الأفواه واستبيحت الاعراض وانتهكت باسم الحريات القوانين والحقوق فاضحى التهريب دينامو جديد للاقتصاد فاغلقت المصانع الوطنية وتدهورت المقدرة الشرائية وتعطلت سوق التشغيل وجاعت البطون . لقد انتهى السواد الاعظم من الناس بعد خمس سنوات من عمر الثورة الى حقيقة واحدة وهي ان الديمقراطية بلا تنمية لا مستقبل لها وان الافواه التي تطلق العنان للتعبير في حين تتضوّر بطونها جوعا دون قدرة على توفير لقمة العيش ستكون لقمة سائغة لكل اشكال الانحرافات . ان واقع الحال يفرض على حكومة الائتلاف الوطني ان تسارع بانجاز المشاريع الكبرى وإنفاذ القانون ووضع حد لأباطرة الاقتصاد الموزاي وفرض الامن في اطار احترام الحقوق والحريات والمصلحة العليا للوطن وإن لرئيس الحكومة مسؤولية تاريخية لانجاز هذا المسار الانتقالي الصعب باختيار أفضل الكفاءات الوطنية التي لها القدرة على تحريك السواكن وإشعار التونسي بان شيئا ما قد تغيّر نحو الايجاب ..فالديمقراطية التي مهدت لهم الطريق للوصول للحكم لن تصنع وحدها ربيع شعب بدا يفقد شيئا فشيئا الامل والخوف كل الخوف من القادم ..والفاهم يفهم .