رغم الدعوات المتكررة في محاولة لإثناء الحبيب الصيد رئيس الحكومة عن التوجه إلى مجلس النواب لتجديد الثقة في حكومته باعتبار أن البلاد في حاجة لنفس جديد، وللارتقاء بمستوى الأداء والإنتاج، إلا أن إصرار الصيد على قراره كان واضحا ونهائيا لأنه خير الحل المؤسساتي والدستوري للحفاظ على المسار الديمقراطي عندما قدم طلبا رسميا إلى مجلس نواب الشعب للتصويت على منح حكومته الثقة لمواصلة نشاطها. وقد قابل إصرار الصيد على اتخاذ هذه الخطوة إصرار على عدم منح الثقة لحكومته خاصة من قبل ائتلاف الرباعي الحاكم الذي كان واضحا من خلال تصريحات نواب النهضة والنداء وأفاق والاتحاد الوطني الحر من أنهم لن يمنحوا حكومة الصيد الثقة من جديد.. وبغض النظر عن المعركة السياسية التي اعتبرها بعض الساسة أنها تندرج ضمن حرب الشقوق فانه لا يمكن التغافل عن البعد التشريعي المتعلق بالوضعية القانونية والتنظيمية لحكومة الحبيب الصيد ما بعد سحب الثقة لأنها ستصبح حكومة تصريف أعمال وهذا المعطى السياسي الذي لم يحسب له حساب ضمن دستور الجمهورية الثانية. في التجارب المقارنة فان حكومة تصريف الأعمال هي حكومة متحولة من حكومة عادية بكامل الصلاحية إلى حكومة محدودة الصلاحيات في حدود تأمين استمرارية العمل الحكومي في حدوده الإدارية. حكومة دون قرارات سياسية أما على المستوى التشريعي قال سليم اللغماني أستاذ القانون الدستوري ل "الصباح" انه لا يوجد نصّ قانوني في الدستور الجديد ينظم عمل حكومة تصريف الأعمال أو يحدد اختصاصاتها ودورها. كما لم تتضمن الأحكام الانتقالية في الدستور والتي تنظم المرحلة الفاصلة بين صدور الدستور وانتخاب المؤسسات السياسية الدائمة للدولة أي إشارة إلى تحويل الحكومة العادية إلى حكومة تصريف أعمال. وحسب أستاذ القانون الدستوري فانه لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال التقدم بمشاريع قوانين إلى مجلس نواب الشعب أو اتخاذ قرارات أساسية تهم البلاد ويقتصر دورها على القيام بالعمل الحكومية اليومي. وبعد سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد ومواصلة لمسار مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنيّة التي نادى بها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، قد تنطلق المشاورات لاختيار رئيس الحكومة القادمة، وطبقا للفصل 89 من الدستور فان رئيس الجمهورية بإمكانه تكليف الشخصية الأقدر بتكوين الحكومة وقد نصّ الفصل المذكور انه في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها. وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر. وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حلّ مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما. جهاد الكلبوسي الصباح بتاريخ 31 جويلية 2016