يبدو أن "الرداء الأسود" الذي لطالما كان المساند الرسمي والأمثل للإرهابيين للتخفي حتى إن قيادات ما يعرف بتنظيم "أنصار الشريعة" المحظور و"داعش" استعمله كلاهما خلال حلهم وترحالهم أفل نجمه ليترك المكان لأساليب جديدة ومبتكرة ابتدعتها التنظيمات الإرهابية حتى تتمكن من زرع عناصرها بين المدنيين وتسهيل تنقلهم حتى أن تنظيم «داعش» كان أصدر منذ مدة كتيبا وهو عبارة عن دليل يستدل به أتباعه للتمويه ودعاهم إلى حلق اللحية وتصفيف الشعر بأحدث موضة والابتعاد عن المساجد قبل تنفيذ الهجوم. ويقدم الكتيب أيضا نصائح حول كيفية مراقبة المباني الحكومية قبل شن الهجمات لضمان أكبر عدد من الإصابات، وأفضل الطرق لمراقبة "جنرال في الجيش" أو "شخصية عامة" لاغتيالها واعتبر "داعش" أن التمويه والمغالطة قبل تنفيذ العملية ضروري لضمان نجاحها وتوفير السلامة لمنفذها حتى لا ينكشف أمره وتحبط العملية في المهد. طرق مستحدثة وحول الأساليب التي يعتمدها "دواعش" تونس للاندساس وسط المدنيين والتخفي اعتبر مختار بن نصر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل أن طرق التخفي باتت مستحدثة ومستجدة ويتفنن "الدواعش" في ابتكارها فقد تجد عنصرا إرهابيا متخفيا في شكل إنسان عادي بلباسه اليومي العادي مبتعدا عن اللباس الطائفي المثير للانتباه كالقميص الأفغاني و«الهركة» والنقاب وقد تبين أن الإرهابيين غيروا خلال الأشهر الأخيرة أساليبهم في التخفي حيث تخلصت العناصر الإرهابية من كل ما يلفت الانتباه إلى أنهم ينتمون إلى تنظيم إرهابي أو يتبنون فكرا متشددا حتى ينجحوا في مغالطة المواطن العادي. لقد باتت مسألة اقتفاء أثر الإرهابيين من المسائل العسيرة خاصة بالنسبة للمواطن العادي الذي قد ينخدع بمظهر هؤلاء القريب جدا من مظهر أي مواطن عادي في حين يختفي خلف الثياب العادية «ذئب منفرد» أو «انغماسي» يتحين الفرصة المناسبة لتنفيذ عملية غادرة. ودعا رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل المواطنين إلى التثبت في هويات الأشخاص الذين يتسوغون منازلهم حتى لا يحولوها إلى أوكار «داعشية» ومعقل للتخطيط وتخزين السلاح ،كما دعا بن نصر إلى المزيد من اليقظة والحذر. غش وتلون الخبير الإستراتيجي والأمني علي الزرمديني قدم لنا قراءته حول هذه المسألة مبينا أن تنظيم «داعش» الإرهابي يعمل على ابتداع طرق وأساليب تمكن أتباعه من التمويه لاختراق الرقابة الأمنية عند تنفيذ عملياته التخريبية، موضحا أن أساليب الغش من الأساليب التي تعتمد في القتال وهي لها أبعاد للتظليل ومغالطة العدو. وبحكم التكوين العسكري الواسع ل"الدواعش" فإنهم يعتمدون كغيرهم مثل هذه الأساليب التي تتعدد حسب الموقف وتتغير وفق الإطار الطبيعي وتتأقلم مع الميدان بالصورة التي تجعل المقاتل يتخفى حسب المكان المتواجد فيه، ففي الغابة يتلون الشخص في مظهره ولباسه مع الواقع الميداني وهو الاخضرار وفي الصحراء يتلون مع اللون الميداني الذي هو الأصفر. وأما على مستوى الاندساس والتعامل مع الطرف المقابل فإن الأساليب تتعدد حيث يسعى الطرف المتخفي إلى التأقلم بالصورة التي يختزلها الإطار الذي يعمل فيه فإذا كان في حانة فإنه يتأقلم مع جزئيات المكان والمكان هو الذي يحدد كيفية التخفي والتأقلم ويجعله بعيدا عن رصد الأعين التي قد تراقبه أو تشكك فيه -على حد تعبيره-. ويعتبر الغش عملية أساسية وهامة تمكن الطرف سواء من التسرب أو التموقع أو التمركز للقيام بمهمة ما سواء كانت قتالية أو استخباراتية أو استطلاعية أو استكشافية نجاحها بطبيعة الحال يؤثر تأثيرا واسعا على المخططات وعلى الأفعال وعلى طبيعة سير العمليات. وأضاف الزرمديني أن «الدواعش» يجدون في النقاب الوسيلة الأقرب للتخفي والتنقل ومغالطة الأطراف التي تتولى مراقبتهم على اعتبار وأنها تطمس كل معالم الشخص المتنقل «ذلك ما يدفعنا إلى القول إن النقاب أصبح خطرا على الأمن العام بصفة عامة وقد حصلت العديد من العمليات حتى فيما يتعلق بالأمن العام وأصبح «النقاب» مطية يعتمدها المجرم للتخفي والقيام بعمل إجرامي تحت هذا الغطاء الأسود البعيد عن عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا»، وختم بالقول:» السبب في المفاهيم العامة ينهي المسبب متى كان الفعل مشينا للمجتمع ومسيئا له». مفيدة القيزاني