منذ صدور كتاب الخيال العلمي للكاتب الامريكي دانيال كاياس" تتالت القراءات حوله والاقتباسات المسرحية منه اخرهم الممثل المسرحي عبد المنعم شويات الذي قام بتقديم أول قراءة مسرحية تونسية لهذا الكنز الادبي بعنوان "نوارات للجرذون" بالاشتراك مع سلمى بوكاف ترجمة رضا بوقديدة وتم عرضها في مسرح الجهات في مدينة الثقافة مساء الاربعاء 28 مارس 2018 في ثاني ايام مسرح المدينة (من 27 مارس الى 02 افريل 2018) التي ينظمها قطب المسرح والفنون الركحية. صراعات الانسان في حياته بين الكذب والصدق وبين البساطة والتعقيد تم طرحها من زاوية إنسانية وبسينوغرافيا بسيطة لم يتعود عليها المشاهد أتت لتؤسس لمسرح مختلف اشتاقت اليه المسارح التونسية منذ زمن. "الجرذون" هي فأرة خضعت إلى عملية جراحية تجريبية للزيادة في الذكاء من قبل طبيبين عملية تم اعتبارها ناجحة نظرا الى التفاعل الذي أبدته الفأرة ما جعلهما يقرران جاهزية هذا الاختبار لتجريبه على الانسان فكان "شارلي" (الشخصية التي يجسدها عبد المنعم شويات) أول كائن بشري يخضع لمثل هذه العملية. أما راقصة الباليه سلمى بوكاف فقد قدمت قصتها من خلال الرقص التعبيري مجسدة كل تفاصيلها بوجود مجموعة من الحواجز على الركح وهو ما يمد في قوة تركيز المشاهد ليفهم فحواها. هو تجسيد دراماتيكي لعلاقة عجيبة بنيت بين الفأرة وشارلي نظرا إلى تشابه الأقدار التي جمعتهما أصبح بعد ذلك مصدر خوف الشخصية الاساسية "شارلي" بسبب موت الفأرة وظهور نفس العلامات التي سبقت موتها عليه. المسرحية هي إعادة بسط لواقع الذهن البشري كما هو وإبراز لما قام به الانسان من أجل تطوير ذكائه وفكره حتى يكتشف نفسه ويطور علاقته بالاخر لكن حتى يجد أسباب موته أيضا حيث تتحول الرغبة في التطور الى الرغبة في البقاء. وهو ما يقوم شارلي بسرده من خلال تقارير اتت في شكل يوميات يقوم بتقديمها على الطريقة الخاصة. يشدنا عبد المنعم شويات لنتابع معه مراحل تطور شخصية "شارلي" من حالة تخلف ذهني الى ذكاء خارق يظهر ذلك في البداية مع بطئه في النطق وطرحه لأسئلة بديهية وطفولية حول ما يحيط به من أشخاص وأحداث ثم تنامي وعيه بحالته وقدرته على فهمها.