مع انطلاق سنة 2019، تحولت رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي إلى دولة رومانيا وسط تحديات كبرى للمنطقة ككل أولها وأهمها الملف البريطاني الذي يعرف ب «بريكسيت» وكذلك بعض الهزات الاجتماعية في عدد من الدول الأوروبية ومنها خاصة تحركات السترات الصفراء في فرنسا. حول هذه المهمة الجديدة لرومانيا على رأس مجلس الاتحاد الأوروبي والعلاقات الأوروبية-التونسية والرومانية التونسية كان ل «الصباح» هذا اللقاء مع السيد دان ستونيسكو، سفير رومانيابتونس. وفيما يلي فحوى الحوار... * تعيش رومانيا هذه الأيام حدثا هاما بالنسبة لها وهو رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي.. فأي مشاريع وأي خطط أعددتم لهذه المهمة؟ - تولت رومانيا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في بداية شهر جانفي في إطار التناوب بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كل ستة أشهر. وخلال هذه الفترة تترأس الدولة التي تباشر رئاسة المجلس كل الاجتماعات على كل مستوى مما يساعد على ضمان استمرارية عمل الاتحاد الأوروبي. ولقد توافقت أول رئاسة لرومانيا للمجلس مع السياق الأوروبي والدولي المتحرك من ذلك صعوبة الإطار المالي للسنوات 2021-2027 وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الأوروبية والنظر في مستقبل أوروبا وهي أمور تتطلب الكثير من الضغط على مسار عملنا خلال هذا السداسي وما بعده. وتعمل رومانيا حاليا وستعمل بطريقة بناءة وشاملة للحفاظ على الوحدة وتعزيز التماسك داخل الاتحاد الأوروبي، فمهمتها الأساسية خلال رئاسة المجلس تتمثل في العمل كوسيط نزيه لإيجاد أرضية مشتركة للتقدم. ونحن مقتنعون بأن المفتاح الأساسي لهذا المسار هو التماسك، ولذلك اخترنا أن يكون الشعار والموضوع المحوري لرئاستنا هو «التماسك كقيمة أوروبية مشتركة». وفي هذا الإطار، نقر بأننا بحاجة إلى فهم وتعزيز التماسك في جميع أبعاده من أجل المضي قدما. تعزيز التماسك سيكون في العمل السياسي من أجل تعزيز الصلة بين الدول الأعضاء والمؤسسات الأوروبية والمواطنين. وفي البعد الاقتصادي كذلك ليكون هذا التماسك محفز لتقليل الفجوات التنموية داخل الاتحاد الأوروبي وتعزيز السوق الموحدة. كما يجب تعزيز البعد الاجتماعي للتماسك مع مراعاة الحاجة إلى ضمان التقارب في هذا المجال والحفاظ على الحريات الأساسية الأربع للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. لقد حددنا أولويات رئاستنا للمجلس ضمن هذا النموذج من التماسك الذي ينقسم بدوره إلى أربع ركائز وهي: أولا أوروبا التقارب، ثانيا أوروبا آمنة، ثالثا أوروبا باعتبارها ذات الفاعلية الأقوى عالميا ورابعا أوروبا ذات القيم المشتركة. * ماذا تعنون بهذه الركائز الأربع؟ - الركيزة الأولى وهي «أوروبا التقارب»، نعني بها أن رئاستنا للاتحاد الأوروبي تهدف إلى المساهمة في ضمان التقارب والتماسك في أوروبا من أجل تحقيق فرص التنمية المستدامة والمتكافئة لجميع المواطنين والدول الأعضاء. أما الركيزة الثانية وهي «أوروبا آمنة» فسنعمل من خلالها على تعزيز أوروبا أكثر أمنا من خلال تحقيق التماسك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من حيث التعامل مع التحديات الأمنية الجديدة التي تهدد سلامة المواطنين ومن خلال دعم مبادرات التعاون في هذا المجال. أما الركيزة الثالثة وهي « أوروبا ذات الفاعلية الأقوى عالميا» فهي ركيزة ستمكننا خلال فترة رئاستنا من تعزيز الدور العالمي للاتحاد الأوروبي من خلال تعزيز سياسة التوسع والعمل الأوروبي في الجوار ومواصلة تنفيذ الاستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي وضمان الموارد اللازمة وتنفيذ جميع الالتزامات العالمية للاتحاد الأوروبي، وستدعم رومانيا دائرة العمل الخارجي الأوروبي نحو تعزيز النظام المتعدد الأطراف وسيادة القانون الدولي. الركيزة الرابعة وهي»أوروبا ذات القيم المشتركة» فستعمل من خلالها رئاسة رومانيا إلى تشجيع تضامن وتماسك الاتحاد الأوروبي من خلال الترويج لسياسات حول موضوع التمييز وتوفير فرص متساوية ومعاملة متساوية للرجال والنساء وزيادة مشاركة المواطنين الشباب منهم على وجه الخصوص في الحوارات الأوروبية. * ما نعيبه على الاتحاد الأوروبي هو عدم دعمه الكافي لتونس الشريك المميز الذي مر بمرحلة صعبة ونجح في الانتقال الديمقراطي ومثل دائما الحصن بالنسبة لأوروبا فيما يتعلق بالهجرة السرية...فهل ننتظر دفعا في علاقة تونس مع الاتحاد الأوروبي خلال فترة رئاستكم؟ - ستظل تونس ذات أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي باعتبار الهدف الأول للإتحاد هو تعزيز الانتقال الديمقراطي ودعم التنمية في تونس، وفي هذا الإطار، نرى أن منطقة التجارة الحرة هي أداة لدعم التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الاقتصاد التونسي من خلال تسهيل وتطوير فرص جديدة في سوق الاتحاد الأوروبي التي تضم حوالي 500 مليون مستهلك كما أن الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية من أوروبا ولا سيما في تونس، لا يزال يمثل أهم نقطة في جدول أعمال الاتحاد الأوروبي. ولا يخفى عليكم أن رومانيا تدعم تونس بالكامل في عملية الانتقال الديمقراطي آخذة بعين الإعتبار الصعوبات المتأصلة أثناء هذه العملية الانتقالية التي سبق ان عشناها بدورنا. كما قدمت رومانيا دعما كبيرا لتونس في هياكل الاتحاد الاوروبي وأكدنا دائما ان تونس بالنسبة لنا هي مركز نشر القيم الديمقراطية وروح الابتكار والتنمية المستندة إلى التكنولوجيات الجديدة على المستوى الاقليمي. * كلام نظري وديبلوماسي، هل من مؤشرات ثابتة وواضحة تثبت هذا الدعم وهذه المساندة لتونس التي تواجه حتى ضغوطات كبيرة من قبل هياكل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي ومنها التصنيفات والترقيمات التي زادت من مصاعب البلاد؟ - بالنسبة لرومانيا ودعمها لتونس يمكن أن نذكر قرارنا إبقاء بلادكم على قائمة الدول ذات الأولوية في المشاريع التي تمولها الوكالة الرومانية لدعم التنمية RoAid. وفي هذا الإطار قدمنا كهبة أجهزة كمبيوتر ومعدات إلكترونية لمعهد بورقيبة، كما قمنا العام الماضي بالمساهمة في عديد المشاريع ونقل الخبرات إلى المؤسسات التونسية خاصة فيما يتعلق بمجالات النزاهة ومكافحة الفساد وتعزيز الروابط بين جامعات البلدين. وقد ظهر هذا التعاون وحسن العلاقات خاصة في تظاهرة «Campus Romania» الذي نظمناه في شهر أكتوبر الماضي في تونس والذي شاركت فيه 17 جامعة رومانية و14 جامعة تونسية. علما وأن ما يقارب 1500 طالب تونسي يدرسون في رومانيا وهو رقم هام حيث ان الطلبة التونسيين يحتلون المرتبة الثانية من حيث العدد بعد طلبة جمهورية مولدوفا، وهي دولة تعتبر اللغة الرومانية لغتها الرسمية والتي لنا معها أيضا تاريخ مشترك. كذلك نعمل على وصول أكبر عدد من السياح الرومانيين إلى تونس وستلاحظون ارتفاع رقمهم خلال هذا العام خاصة بعد استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين رومانياوتونس، الأمر الذي لن يؤدي إلى تعزيز السياحة فحسب بل سيساعد أيضًا الطلاب التونسيين في رومانيا على السفر بسهولة. وسنعمل من خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبي على دعم هذا التمشي ليكون شاملا وعاما وليس خاصا. ولا ننكر ان لتونس مكانة مميزة وخاصة لدى الاتحاد ككل. * تمر أوروبا اليوم بهزة يبدو ان ارتداداتها ستكون كبيرة ألا وهي خروج بريطانيا من الاتحاد أو ما عرف ب «بريكسيت».. فماذا أعددتم لهذا الخروج؟ - قبل كل شيء نؤكد مجددا أننا لا نرغب في مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي في ظل الظروف الحالية وسيكون هدف رومانيا ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. وستتعاون الرئاسة الرومانية مع المؤسسات الأوروبية ومع الدول الأعضاء لتحقيق هذا الهدف. كما ستركز رئاسة رومانيا لمجلس الاتحاد الأوروبي على إيجاد الحلول الضامنة لمصالح الدول الأعضاء وتتماشى مع رؤية المؤسسات الأوروبية، وبالتالي الاستجابة لمثلث «أوروبا الفاعلة والموحدة والقوية». مع العلم أن أحد أبرز المواعيد التي ستشهدها فترة رئاستنا هو القمة غير الرسمية التي ستعقد في مدينة سيبيو يوم 9 ماي قبيل الانتخابات الأوروبية ونهدف من ذلك إلى تحقيق الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي ونأمل أيضا إلى تحقيق تقدم مثمر والنظر في مستقبل أوروبا. سفيان رجب