تعرض الحارس الدولي السابق والمنطق الحالي لقدماء المنتخب الوطني إلى وعكة صحية طارئة أقام بسببها بالمستشفى الجامعي ببنزرت تحت الرقابة الطبية، والخضوع إلى العلاج الدقيق الذي كلل بالنجاح؛ ليعود أثر ذلك إلى عائلته وأصدقائه وأحبائه. «الصباح الأسبوعي» كانت في الموعد للقاء هذا الحارس إثر استعادته لعافيته وإجراء الحوار التالي معه: ● يريد الجميع الاطمئنان على صحتك.. فماذا تقول؟ -الحمد لله، شدة وزالت. لقد استعدت الكثير من عافيتي، وبالمناسبة أتوجه بالشكر إلى الإطار الطبي وشبه الطبي الذي سهر على علاجي وراحتي، وكل المسؤولين الذين انشغلوا لحالي، منهم من زارني ومنهم من اطمأن علي بالهاتف، كما اشكر كل الرياضيين من كافة الأقسام الذين اتصلوا بي من كافة أرجاء الوطن من مسيرين ورؤساء جمعيات ولاعبين وأحباء.. ● ماذا غنم أحمد بورشادة من كرة القدم؟ -قد أفاجئك بالقول إن أهم كسب غنمته من كرة القدم هو حب الناس. لقد أوقفتني تجربة المرض على حقيقتين لا تقدران بثمن وهما محبة الناس، والصحة. كم كان اعتزازي كبيرا بالزيارات المتتالية والمكالمات الهاتفية المتصلة من الداخل والخارج. لقد رفع ذلك معنوياتي، وجعلني أقبل على العلاج بثقة واطمئنان، وأما الصحة فهي رأس المال الحقيقي.. ● هل كان قدماء المنتخب في الموعد لزيارتك ببنزرت؟ -فعلا، تلك سنة دأبنا على انتهاجها منذ بعث الودادية، وقد كان موعد زيارتهم لي ببيتي يوم الخميس الماضي. كان لقاء رائعا أكد اللحمة التي تربط بين قدماء المنتخب الوطني على اختلاف الأجيال. ولا أبالغ إذا قلت إن اللاعب علي رتيمة ضرب أروع مثل لهذا التآزر؛ فرغم مرضه أبى إلا أن يكون في الموعد. موقف كبير من لاعب كبير لا تكفي جميع عبارات الشكر لتثمينه.. ● النادي البنزرتي كان مدرسة لإنجاب الحراس. فلم تراجع هذا الدور حتى صار النادي ينتدب حراسه؟ -فعلا أنجب النادي الكثير من حراس المرمى الذين انضموا إلى المنتخب الوطني، مثل على سبيل الذكر لا الحصر منوبي الجدي وحسين الباز وعلي بوشقور وغازي ليمام والمنذر علمية وأحمد بورشادة ومعز بن ثابت وحسان البجاوي وفاروق بن مصطفى وغيرهم كثير من الحراس المتميزين. لقد شاهدنا في الموسمين الماضيين أداء الحارس خميس الثامري، ونأمل كذلك أن يكون حارسنا العائد علي العياري في الموعد كذلك. كان ذلك نتيجة العمل القاعدي الدقيق، والاهتمام التام بتكوين الحراس على مستويين اثنين فنيا ومعنويا فنيا يجب تدريب الحارس على فنون التصدي للكرة من مختلف المواقع والاتجاهات والمسافات وقراءة اللعب وتطوير الارتكاز ورد الفعل لديه، ومعنويا بغرس حب الجمعية والدفاع عن ألوان النادي، وعدم الخوف من المواجهة والارتماء بين الأقدام والأرجل أو المخاطرة بالطيران للتصدي للكرات الفضائية. إذا أردنا عودة هذه المدرسة علينا بالعودة إلى تطبيق هذه القواعد. ولا أبالغ إذا قلت بأن دور الحارس في الفريق لا تقل نسبته عن 60 بالمائة.. ● تم تعيين منذر الكبيّر مدربا للمنتخب الوطني؟ فما تعليقك؟ -في عبارة مختصرة هو الرجل المناسب في المكان المناسب. ولمزيد الإيضاح أقول إن الرجل يجمع إلى جانب التكوين الأكاديمي تجربة في اللعب والتدريب. لعبنا معا بالنادي البنزرتي، وهو ذكي وفطن للغاية؛ يحسن قراءة اللعب، ويجيد النفاذ إلى أدمغة اللاعبين، وأنا مقتنع بإمكانياته، وهو نظيف اليد والقلب واللسان، وأشبهه بالثمرة البيولوجية. وأعتقد جازما انه قادر على النجاح في مهمته إن ابتعد عنه «النبارة»، وأقصد نبارة الجامعة الذين افسدوا الرياضة. أرجو أن يبتعدوا عن الرجل، فهو كفء ونظافته لا يتطرق إليها الشك أبدا.. ● هل تعتقد أن بعض اللاعبين ظلموا بعدم دعوتهم إلى المنتخب؟ -حسب معرفتي بالرجل أستطيع القول إنه يصدر في مواقفه واختياراته عن عاملين اثنين: وطنيته، ورغبته في النجاح. انا متأكد أن المنذر كبير يريد خدمة الوطن، ومشاعر الوطنية التي تختزنها نفسه نموذجية، ولا مشكلة لديه مع أي كان. ومن كانت هذه صفاته فإنه سيحرص على أن يحصل كل ذي حق على حقه؛ إذ لا مصلحة لديه سوى خدمة الوطن والراية الوطنية في مجال اختصاصه. والمهم ألا «تخدم الماكينة الغالطة» أو «السيستام» الفاسد، والذي أشرت إليه منذ حين ضده.. ● لنعد إلى بطولتنا. كيف تقيمها؟ -أعتقد أنني لا أجانب الصواب إذا قلت أن بطولتنا ضعيفة، فباستثناء بعض الجمعيات التي تعد على أصابع اليد، فإن بقية الأندية لا يمكن أن نقول عنها إنها محترفة. كيف يكون الاحتراف والجمعيات تعول على منح الدولة والمؤسسات الاقتصادية؟ وكيف نتحدث عن الاحتراف والجمعيات تفتقر إلى الملاعب الملائمة والبنية التحتية الرياضية الضرورية؟ وكيف نتحدث عن الاحتراف والأندية عاجزة عن صرف رواتب اللاعبين والإطار الفني؟ وأين الاحتراف ونحن نرى الجمعيات في مشاكل لا تنتهي مع قضايا مرفوعة ضدها لدى الجامعة أو الفيفا؟ ● وما الحل في نظرك؟ -هما أمران لا ثالث لهما: إما العودة إلى الهواية مادامت الجمعيات غير قادرة على توفير مستلزمات الاحتراف، وإما أن تتحول إلى شركات لها رأسمال وأسهم ومساهمون. المنح التي تتمتع بها الجمعيات مزية وليست حقا مكتسبا. أنت محترف «دبر رأسك» وجد مورد رزق لنفسك.. في كلمة فرقنا أصبحت تعيش على الصدقة.. *ولكننا نجد حضورا فاعلا لأنديتنا عربيا وإفريقيا؟ -هذا صحيح، ويؤكد ما قلته منذ حين، وهو وجود جمعيات قليلة وفرت مستلزمات الاحتراف، وهي بالترتيب الترجي التونسي والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي. وهذا ما مكنها من فرض اللون في المنافسات الإقليمية والقارية، كتتويج الترجي التونسي بطلا لأفريقيا والنجم الساحلي بطل العرب..