حدد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ أمس في كلمته أمام مجلس نواب الشعب 8 أولويات لحكومته بين أمني واجتماعي واقتصادي وكان للجانب الاقتصادي الاولوية بوضع 6 أولويات من 8 لهذا الجانب الذي عانت منه تونس كثيرا في السنوات الماضية. وتتمثل الأولويات الاقتصادية ال6 التي حددها الفخفاخ في: مقاومة غلاء الأسعار والتصدي للغش وتوفير متطلبات العيش الكريم. إنعاش الاقتصاد وحماية مؤسساتنا الصغرى والمتوسطة. تفكيك منظومة الفساد والتأسيس لثقافة مستدامة للنزاهة والتصدي لجميع منافذ العبث بالمال العام. تعبئة اﻟﻤﻮارد اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ الضرورية للدولة ﻟﺴﻨﺔ 2020 المحافظة على قيمة عملتنا الوطنية والحدّ من نسبة التضخم المستورد. الاهتمام بملف الحوض المنجمي والفسفاط نظرا للأهمية القصوى للفسفاط. هذه الأولويات الاقتصادية التي تعهد بها الفخفاخ، تعتبر من أهم وأبرز الملفات التي عرقلت تقدم البلاد ونموها وتسبب تأخرها –رغم ان كل الحكومات المتعاقلة وعدت بها- في تدهور اقتصادي كبير أثر بشكل واضح على كل الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وجعل المواطن يتكبد نتيجة الفشل في تحقيقها وخاصة فيما يتعلق بإنعاش الوضع الاقتصادي في البلاد، والمحافظة على قيمة العملة المحلية ومقاومة غلاء الأسعار والتصدي للغش وتوفير متطلبات العيش الكريم والتصدي لجميع منافذ العبث بالمال العام. 7 مشاريع ولانجاز وتحقيق هذه التحديات والأولويات وضع الياس الفخفاخ أمام حكومته 7 مشاريع وطنية قال إنها ستكون عمادا لتنفيذ البرنامج الحكومي خلال السنوات القادمة ومن بين هذه المشاريع نذكر إنجاز التحول الرقمي لتجاوز التأخير الحاصل مقارنة مع نسق الثورة الرقمية في العالم، وإنجاز نقلة طاقية تعتمد على الطاقات المتجددة لتجاوز العجز الطاقي الحاصل باستغلال الفرص المتاحة لتونس كبلد يتمتع بنسبة عالية من الأيام المشمسة، وإصلاح المنظومة الفلاحية باعتبار بعدها الامني القومي والحفاظ على الموارد المائية. مع ضرورة الالتفات إلى القارة الإفريقية عبر وضع استراتيجيا تسويقية تساعد على دعم التصدير نحو أعماق القارة والعمل على جعل تونس بوابة نحو افريقيا. تعهدات الفخفاخ الأولية تبدو مقبولة حيث لطالما طالب بها المواطن والخبراء الاقتصاديون، لكن هل ينجح رئيس الحكومة في تحقيقها وفرضها وينجح فيما فشل فيه كل من سبقه على رأس الحكومة ما بعد الثورة. يبدو أن مهمة حكومة الفخفاخ لن تكون سهلة في ظل التحديات الكبيرة التي تقف أمامها.. وربما تبقى هذه التحديات مجرد شعارات عامة ووعود و»أمان» يصعب تطبيقها في ظل غياب الموارد وانحدار ثقافة العمل لدى التونسي. قطاع الفسفاط أمل ومن الواضح ان الفخفاخ بنى عملية الاصلاح الاقتصادي على قطاع الفسفاط آملا أن يسترجع هذا القطاع نشاطه العادي حتى يُمكن من تعبئة موارد مالية إضافية للدولة وهو ما سيؤدي إلى التحكم في العجز التجاري. ويبدو ان الفخفاخ اعتمد في قراءته هذه على الارقام الاخيرة للقطاع حيث سجل الفسفاط رقما قياسيا منذ سنة 2011، بإنتاج 4,1 مليون طن موفى ديسمبر 2019، أي نموا ب46 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي ليبلغ المعدل السنوي للإنتاج 3,6 مليون طن خلال السنوات المتراوحة بين 2017 و2019، بالمقارنة مع معدل سنوي بثلاثة مليون طن من الإنتاج خلال الست سنوات الماضية من 2011 الى سنة 2016، أي زيادة بحوالي 20 بالمائة في المعدل السنوي. ولكن نسي الفخفاخ ان هذا القطاع الحساس بقي ومنذ الثورة رهين التحركات الاجتماعية التي أوقفت الانتاج لأشهر طويلة مما اثر على السوق الداخلية والخارجية واضر بالاقتصاد بشكل كبير. الدعم.. خط أحمر أما فيما يخص توجه الفخفاخ نحو اصلاح منظومة الدعم الذي توجه نسبة هامة منها لغير مستحقيها فان هذا الوعد كان قد صدر عن كل من تولى حقيبة رئاسة الحكومة لكن الاقتراب من هذا الملف قوبل برفض المنظمة الشغيلة وهو ما سيتواصل ليكون الفخفاخ كسابقيه فيما يتعلق بملف الدعم. أما التوجه نحو افريقيا وتطوير العلاقات الاقتصادية مع القارة السمراء، فهذا الباب ممكن باعتبار مكانة تونس في القارة وإمكانية ولوج عدد من الاسواق الافريقية وحتى جعل بلادنا قاعدة تجارية واقتصادية تربط القارة الافريقية بغيرها من الدول والأقاليم والتكتلات الاقتصادية خاصة أن إفريقيا تعتبر اليوم سوق القرن 21. التحكم في الأسعار وشروطه وفيما يتعلق بتعهده بالتحكم في الأسعار والحدّ من غلاء المعيشة ، فان هذا الباب ممكن كذلك لو توفرت لالياس الفخفاخ وحكومته الجرأة على ضرب الاحتكار والقضاء على الفساد والتهريب والتصدي للغش تفكيك منظومة الفساد والتأسيس لثقافة مستدامة للنزاهة والتصدي لجميع منافذ العبث بالمال العام كما وعد. اما المحافظة على قيمة عملتنا فهو أمر موكول لتطور اقتصادنا وتحقيق الوعود المنصوص عليها اعلاه..فدون تطور اقتصادي لن تكون لعملتنا أي قيمة مقابل العملات الأجنبية وفي ظل كل هذه الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام الاقتصاد التونسي، لا بد لرئيس الحكومة ان يصارح الشعب كذلك بأن الوعود التي أطلقها ليست مرتبطة بالداخل فقط بل كذلك بالخارج وخاصة بالدول والصناديق المانحة التي يمكن ان تساعد على تحقيق البعض من هذه الوعود مقابل شروط وتنازلات من المؤكد انها لن تكون سهلة ومن المؤكد ان الفخفاخ وحكومته لن يكون لهم القدرة الكافية على الذهاب فيها والقبول بها.. سفيان رجب